لا جدال أن حادث سحل الفتاة وتعريتها فى شارع قصر العينى فى أحداث مجلس الوزراء أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشاراً فى العالم، حيث احتلت الصورة المهينة لهذه الفتاة الصفحات الأولى على جرائد مهمة مثل الجارديان والنيويورك تايمز والواشنطن بوست، وغيرها بالإضافة لشبكات تليفزيون مثل الـCNN والسكاى نيوز البريطانية وفرنسا 24 والإذاعة البريطانية، وهو أمر أدانته وشجبته شخصيات دولية مهمة وهو بالفعل يستحق الإدانة بأوضح وأبلغ العبارات، إلا أنه وللأسف كان الأمر مختلفاً عند بعض المصريين الذين اهتموا بإدانة الضحية، بدلا من الجانى، ووصفها بأفظع الأوصاف مع اتهامات وإيماءات جنسية حقيرة وبذيئة فتاة الاستربتيز (فتاة عرض جنسى). حقيقة إن ما استوقفنى فى كل هذا كان مقال لميس جابر فى جريدة الوفد فى الصفحة الأخيرة تحت عنوان تسقط حقوق الإنسان، رغم أن هذه الجريدة على صفحتها الأولى مقولة سعد زغلول الخالدة «الحق فوق القوة والأمة فوق الحكومة»، إلا أن لميس فى هذا المقال انحازت للقوة ضد الحق وانحازت للحكومة ضد الأمة.
نعم، فالمظاهرة التى خرجت فيها الأمهات والنساء المصريات من كل ألوان الطيف السياسى والاجتماعى والدينى لإدانة هذه الحادثة والإعراب عن غضبهم لانتهاك أعراض الفتيات المصريات- تكشف أن ضمير الأمه لا يزال حياً، إلا أن اهتمام لميس جابر كان للمجرمين هنا أو من هناك بينما لم تحرك ساكناً أمام سقوط الضحايا من الشباب المصرى فى عمر الزهور وللأسف بأيدى مصريين أوالإصابات التى ركزت على الأعين حتى إننا أصبح لدينا أكثر من ألف عين تم تصفيتها على الأقل وطبعاً قضية أحمد حرارة المناضل المصرى الذى فقد عينيه الاثنتين خير مثال.
فأكيد كان يفعل ذلك فى وجهة نظر لميس ليظهر أمام الكاميرات ويظهر الجندى فى صورة منتهك حقوق الإنسان، أو أن القتلى المصريين من الشباب اتفقوا مع قناة تليفزيونية لتصويرهم بعد القتل مقابل أموال طبعاً، ونرى أن البنت اتفقت مع قنوات التليفزيون العالمى على أن تقوم باستعراض الاستربتيز (عرض جنسى عارٍ)، وهم يضربونها من كل جانب بالأحذية، ولكى يتم تسخين العرض يتم تصوير الجندى وهو يقفز لأعلى وينزل بقدميه الاثنتين على جسد الفتاة والآخر وهو يضرب رأسها بقدمه بأقصى قوة، كل هذا بمقابل طبعاً لقنوات التليفزيون المحلى، والدولى التى تدفع بالدولار للشباب لكى يموتوا حقيقة وليس تمثيلا، والإصابات حقيقة فى الأعين والأجساد والأذرع ودماء تسيل من أجل التصوير.
ولم يفت لميس أن تؤكد أن كل هذا يحدث والمجلس لا يريد أن يستخدم القوة أو العنف ضد المتظاهرين سلمياً بسبب خوفه من منظمات حقوق الإنسان، وأقتبس هنا ما قالته «وكل هذا وما زال المجلس يخشى منظمات حقوق الإنسان وإذا كان لا يعلم فهذه المنظمات هى السلاح الذرى الجديد المصمم خصيصاً للناس اللى زينا، يا سادة التاريخ لن يسامح الضعفاء.. ولتذهب حقوق الإنسان إلى الجحيم».
وبالطبع فهذه الخاتمة للمقال تتفق مع السياق الذى قدمته لميس جابر وهى تساير تصريحات اللواء كاطو الذى تحدث عن أفران الغاز (النازية) للنشطاء والمتظاهرين، وهى ترى أن المجلس ضعيف جداً رغم كل الانتهاكات التى تمت ضد المتظاهرين سلمياً والتى أدت إلى مقتل 93 وإصابة 8 آلاف مصاب، والحكم على أكثر من 12 ألف مواطن مصرى كل هذا بعد الثورة، والنصيحة التى تقدمها لميس للقوات المسلحة لاستخدام القوة معناها أنها تريد مجازر ضد المواطنين المتظاهرين سلمياً والمطالبين باستكمال الثورة لأهدافها، أما الحديث عن العنف واستخدام القنابل فهو سؤال يوجه للسلطات التى لديها قانون الضبطية القضائية، ولم تقدم لنا دليلاً على ارتكاب المتظاهرين هذه الجرائم، كما أن استخدام البلطجية استمر لسنوات مع الحزب الوطنى وقياداته وانتخابات عام 2010 ليست بعيدة حيث استخدم المئات منهم ضد الحركة الوطنية المصرية.
فى الحقيقة لم أفاجأ من مقال لميس جابر فمواقفها ضد الثورة واضحة من اليوم الأول، أما أنها تزيف الحقائق وتعمل على التدليس على القارئ والتحريض ضد منظمات حقوق الإنسان فهو تجاوز لدور الكاتب، ولا أريد أن أصف ما تقومين به يا لميس ضد الثورة والثوار، فأنا عف اللسان. وأنت اخترت أن تكونى من كتبة السلطان وحملة المباخر لانتهاكات حقوق الإنسان.