د. بليغ حمدى

اسم وصورة

السبت، 03 ديسمبر 2011 09:57 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليتهم ما وضعوا صورتى فى اليوم السابع ولا نشروا لى سطراً واحداً تحديداً عندما كنت أنتقد الخطاب السلفى المعاصر، والجماعة المحظورة أيام النظام البائد، وذلك بعد زهوهم بتحقيق انتصارات انتخابية رهن الإعلان القضائى.

فالمد الدينى بدأ فى غزوه المستباح بعرض وطول مصر، والبرلمان القادم سيكون، لا محالة، ذا مرجعية دينية إسلامية، وفى كل لحظة ستطل علينا صحيفة ومجلة ومطبوعة دينية جديدة تندد بهؤلاء المرتزقة أمثالى من الذين كانوا يتشدقون بألفاظ باهتة مثل التنوير وعوامل النهضة.

وأيضاً ربما سيمثلون بمن ترهل عقله ونادى بأفكار الإمام الشيخ محمد عبده الذى كان يمثل نموذجاً نهضوياً لإمام الدين، ولفظة النهضوى تثير غرائز بعض إخواننا المعارضين للدولة المدنية التى تبدو فى طريقها نحو الانهيار، فالكلمة فى نظر بعضهم تعنى النزوع وراء سطوة الحداثة ورفض التراث بجملته.

وهذا مخالف تماماً لطبيعة الكلمة والدلالة، إلا أن النهضة والنهضوى والاستنهاض وكل الكلمات المنحوتة من لفظة نهض لا تعنى تقويض البناء التراثى السلفى مطلقاً، بل هى إشارة عميقة إلى هضم التراث وتناوله بالتحليل وجعله منطلقاً وقوياً للبناء والاستعلاء المستقبلى.
وبناء على هذا الزحف الوئيد للتيارات ذات المرجعية الدينية نحو برلمان الوطن سأفكر جلياً فى رفض كل النظريات السياسية التى تعلمتها، أما المفكرون فأنا أعلن تماماً أن مصر كانت تعيش عصوراً ظلامية افتقرت إلى الفكر، بل كنت من الذين ساهموا فى تأليب البسطاء والعاديين من أبناء وطنى المسلم ضد نصر أبو زيد.

وأن ما سطره هذا الكاتب من حروف وكتابات لم ترتق إلى محاولات جاهدة فى إعلاء قيم التنوير الفكرى، وليته استمع إلى النصائح الرقيقة التى وجهها له أحبائى وإخوانى من المنتمين للتيارات والأحزاب الدينية المتسامحة الذين يفطنون أكثر منه إلى فعل التفكير والتأويل والاجتهاد.

بل أعترف دونما ضغط أو قهر أو قمع أو تهديد عبر البريد الإليكترونى أو الهاتف المحمول، الذى هو بدعة مستحدثة، كجهاز استقبال القنوات الفضائية أننى أخطأت خطأً يستحق العقاب دون استخدام الرحمة حينما قلت: إن النص القرآنى لا يفهم إلا فى سياقه اللغوى ومواضعاته التاريخية، ونصوصه المقدسة لا تقبل المعالجة والافتراء وإن قبلت التفسير فى حدود النص أيضاً.

أما النص الدينى وهو ما سطره القدماء من سلف وخلف فما هى إلا محاولات اجتهادية من المفترض أنها تتعرض للخطأ فى المعالجة والعرض.

هذا ما كنت أود أن أعلنه وأنا مقتنع تماماً به، لكنى مؤمن بأن مصر التى صدَّرت الحضارة بعد إنتاجها للعالم بحضاراته اللاحقة لن تعود إلى الوراء، وأن المرجعية الدينية متأصلة بطبيعتها فى فكر وعقل وفؤاد كل مسلم، بل أزعم أن الأقباط فى مصر يحملون مرجعية دينية إسلامية بحكم ما درسوه فى سنوات الدراسة الابتدائية والإعدادية والثانوية من نصوص قرآنية وأحاديث نبوية شريفة.

أما فكرة الحاكمية التى تعنى اقتصار فئة معينة فى وضع ضوابط وشروط ذات طبيعة خاصة لا تعبر عن رأى الجماعة التى هى من أسس التشريع الإسلامى فهى محل الاعتراض والرفض.

لقد بات وشيكاً فوز الأحزاب ذات المرجعية الدينية، بل وأكد بعض قيادييها عبر القنوات التى أصبحت لا محل لها من الإعراب أن الكتلة المصرية هى الحصان الأسود فى هذه الانتخابات، ولمن يحترف الاهتمام بعالم كرة القدم يدرك أن الحصان الأسود هو الفريق الذى يلعب جيداً ويمتع الجمهور إلا أنه لا يفوز بالبطولة.

وهذا غيب لا يعلمه إلا الله، وإذا كانت الكنبة لا تتحرك فالجالسون عليها باستطاعتهم النهوض مبكراً والذهاب إلى صناديق الاقتراع فى الجولات التالية من الانتخابات، وربما يظهر عليها أحد أقطاب الكتلة المصرية فيعلن لنا أن حزب النور هو الحصان الأسود أو الحرية والعدالة أو الوسط أو أى حزب آخر.

فلعبة السياسة لمن يعيها هى فن الممكن والمستحيل وليست فن الحالة واللحظة، وأن توجه الأغلبية نحو الأحزاب ذات المرجعية الدينية هو نوع بائن من الهروب من حالة الحزب الوطنى المنحل الذى كان متسيداً المشهد السياسى.

سيخرج الناس ثانيةً من كهوفهم التى باتوا بداخلها سنوات طويلة أيام حكم مبارك وربما قبل حكمه بسنوات بعيدة أيضاً، وربما المرحلة الثانية والثالثة من هذه الانتخابات البرلمانية ستجعل أولئك المنتخبين يعيدون تفكيرهم مرتين، لاسيما بعد تصريحات قياديى الأحزاب الدينية الذين بدأوا بالفعل فى إعلان نياتهم السياسية والتسلطية بشأن تكوين وتشكيل حكومة قبل اكتمال الانتخابات البرلمانية.

عموماً حتى الإشعار الآخر لانتخابات رد الاعتبار للشعب المصرى، سيظل هذا الشعب يقرأ قرآنه بغير سلطان بشرى، وسيذهب لبيوت الرحمن لتأدية فروضه بغير حاكمية بشرية أيضاً، وسيظل الشعب العظيم يصوم رمضان ويحافظ على تقاليد مجتمعه بعيداً عن العرى والابتذال والثقافة الرخيصة، منطلقين فى ذلك من شريعتهم السمحة الوسطية دون صكوك تعطى وتمنح من طائفة بشرية.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة