لفت نظرى فى الفترة الأخيرة، تساؤل بات مقررا فى المقابلات الصحفية والتليفزيونية، يوجهه البعض لى، أو يتم توجيهه لزملاء آخرين، وأحيانا لبعض الفنانين.. والسؤال هو: «ماذا غيرت الثورة فى السينما؟ وكيف أثرت الثورة فى السينما؟ ويتم التنويع على هذا السؤال بأشكال مختلفة تحمل المعنى نفسه، وهو سؤال يبدو أن إجابته متاحة وسهلة، بل أحيانا تحمل قدرا كبيرا من النمطية، فلن تخرج الإجابة عن التالى بالنسبة للناقد: «أى حدث تاريخى يستغرق على الأقل ثلاث سنوات، ليتم تقييمه بشكل جيد والوقوف على الحقائق، وبعدها يستطيع المبدع العمل عليه»، أما إجابة الفنان فستكون كالتالى: «بالتأكيد الثورة غيرت فينا وفى الموضوعات التى سنقدمها، وإنشاء الله كل حاجة هتكون كويسة» موضوعات أهم وسينما بجد
وأراهن أن الإجابات لن تخرج عن ذلك.
وبالطبع لست ضد طرح السؤال، فمن حق الجميع أن يتساءل عن الثورة وتأثيرها فى كل مظاهر الحياة فى مصر، ولكننى أختلف حول طريقة طرحه، فهو يجب أن يكون عن رؤية مستقبلية لشكل الفنون، بعد سنوات من تحقيق الثورة لأهدافها، لأن أى كتابة درامية عن كل هذه الأحداث فى هذا التوقيت ستكون منقوصة ومن جانب واحد.
ولكن الوضع يختلف كثيرا بالنسبة للغناء.. فالغناء يرصد ويسجل ويحمل وجهة نظر فى الأحداث بكل تطوراتها، بل أحيانا كثيرة يدفع بحدث ويساعد على إزكاء روح الحماسة، أو قد يكون معلقا على الأحداث، وهو ما فطن إليه الفنان والمطرب المهموم ببلده، والملتزم حقا «على الحجار» لذلك وقع اختياره على قصيدة الشاعر عبدالرحمن الأبنودى «ضحكة المساجين» ليقدمها فى كليب جرئ يرصد فيه بصوته وبألحان فاروق الشرنوبى ما وصلنا إليه من فوضى واختلاط للأوراق، ومحاولات للانقضاض على الثورة، رغم إشادة العالم بها وقت اندلاعها.. وأستشهد بكوبليه من الأغنية «الثورة نور واللى طفاها خبيث، يرقص ما بين شهيد وبين محابيس، والدم لسه مغرق الميادين، الحزن طايح فى قلوبنا بجد، مافضلش غير الشوك فى شجر الورد».
وتعد أغنية «ضحكة المساجين» من أهم الأغانى التى قدمت عما يدور فى مصر، ليس لأنها ترصد، بل تحمل وجهة نظر واضحة وكاشفة، وتحمل حقائق عن الإعلام ودوره فى هذا التوقيت، والأجمل هى الطريقة التى تغنى بها الحجار، وتحديدا فى المقطع الذى كان يغنى به بصوت المساجين- أقصد المصريين- ويرد عليه صوت من يحاولون إطفاء الثورة، لترى فى هذا المقطع قدرة الحجار على تلوين صوته للتعبير عن هذه المعانى.
عاش صوت الحجار والذى لا تملك إلا أن تصدقه، ومثل هذه التجارب أهم فى الوقت الحالى من فيلم سينمائى، لن يكون هم صناعه سوى مغازلة أكثر من طرف.