مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كتبت هذه الكلمة هنا بعد إعلان وثيقة الأزهر، وتقديرى أننى فى حاجة إلى تكرار نفس المضمون مرة أخرى، استمرارا للتعقيب على نتائج المرحلة الأولى:
إحدى النقاط الرائعة فى وثيقة الأزهر التى حازت إجماع القوى السياسية والفكرية فى مصر، هى الإشارة إلى «إعمال فقه الأولويات فى تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية»، صحيح أن كل المبادئ التى اشتملت عليها الوثيقة، تعبر عن الرقى الفكرى والسياسى لمؤسسة الأزهر، وعن الروح العصرية للإسلام، وعن ذكاء من وقّعوا على الوثيقة فى هذا التوقيت تحديدا، لكن من بين كل هذه النقاط، أقدر جدا استخدام تعبير «فقه الأولويات»، فهنا إشارة صحيحة وصريحة إلى أن الدولة المدنية ليست سوى امتداد للنضج الفكرى للفقه الإسلامى، القائم على تحقيق المصالح المرسلة للمسلمين تحت مظلة الشريعة.
المصالح المرسلة للمسلمين، تتحدد وفق الزمن الذى يعيش فيه هؤلاء المسلمون على مدار التاريخ، ومن ثم تتغير الظروف، وتتغير الأحكام، وتتبدل الأولويات، فيتغير الفقه والاجتهاد حسب هذه الأولويات والعصور.
هنا تكمن عبقرية الإسلام فى تطور التشريع حسب الظرف الزمنى والجغرافى، وهنا تصبح ظروف العصر جزءا من تركيب الفقه والأحكام للأمة، ومن ثم قالت الوثيقة التاريخية للأزهر، إن الديمقراطية والانتخابات والنظم البرلمانية هى التطور الطبيعى للشورى فى الفقه الإسلامى، ومن ثم لا تعارض هنا، وفق هذه الأولويات العصرية، بين النظام الديمقراطى المدنى والإسلام، وطالما كان الإسلام نفسه هو المرجعية فى الفكر، والمبادئ، والتعاليم، والأخلاق، والتشريع، فتصبح المدنية هى الإسلام، والإسلام هو المدنية.
والله أعلم.
مشاركة