أجل.. هناك أكثر من قناص للعيون فى وزارة الداخلية، وليس الملازم أول محمد صبحى الشناوى فقط! لكن الحظ التعيس لهذا الضابط الصغير تمثل فى أن هناك من قام بتصويره أثناء ارتكاب جريمته البشعة فى ميدان التحرير وشارع محمد محمود وفضحه وتهديده على شبكات التواصل الاجتماعى!
كما أن عدد الذين يسعون باستماتة إلى سرقة القلوب النابضة للثورة المصرية العظيمة بغير حصر، فرجال الطبقة التى تحكمنا منذ أكثر من أربعة عقود متكاتفون ومصرّون على ألا تؤتى الثورة أكلها، ومن ثم لا أمل لدى الملايين فى انتزاع حقوقهم إلا بإطاحة هذه الطبقة من السيطرة على مقدرات بلدنا.
ليس عندى ذرة شك واحدة فى أن قناص العيون هذا، ومعه زملاءه الذين لم يتم كشفهم بعد، كانوا ينفذون أوامر قياداتهم فى وزارة الداخلية، الذين كانوا ينفذون أوامر قياداتهم فى المجلس العسكرى، الذين كانوا ينفذون بدورهم أوامر قيادات الطبقة التى يمثلونها! حقاً... سلسلة بائسة من أصحاب المال والنفوذ والسلاح!
أظنك تدرك تماماً أن هذه الطبقة المهيمنة والجشعة تتكون من عدة شرائح أبرزها: رجال الأعمال الفاسدين، والذين توحشوا فى ظل نظام مبارك، وكبار رجال الدولة من وزراء مشبوهين مرّوا على الحكم بامتداد عشرات السنين، وقيادات الداخلية والإعلام معدومى الذمة، والقيادات الفاسدة فى الحزب الوطنى المنكوب، وقيادات أحزاب (المعارضة) الكرتونية التى كانت تتملق النظام الساقط وترضى بالفتات، وقيادات جماعات تيارات الإسلام السياسى، وليس شبابهم، الذين يخلطون الدين بالسياسة بحثاً عن نفوذ ومطامع ومصالح وسلطات!
لاحظ من فضلك أن عدد أفراد هذه الطبقة وحواشيها ومتملقيها لا يتجاوز بأية حال من الأحوال ثلاثة ملايين نسمة هم الذين يستحوذون على 80% من ثروة مصر وخيراتها، كما تقول التقارير الرسمية، فى حين أن أكثر من أربعين مليون مصرى يكابدون أوضاعاً معيشية محزنة ومؤلمة. وأن أربعين مليون آخرين على شفا حفرة من الفقر! (تذكر من فضلك أننا لم نعرف أبداً المرتبات الرسمية لرؤساء الوزراء ونوابهم، ولا الوزراء ومستشاريهم ورؤساء مجالس الإدارة، ولا قيادات الجيش والشرطة.. لا قبل الثورة ولا بعدها)! دعك الآن من الشركات الخاصة التى يؤسسها هؤلاء لأنفسهم وأنجالهم مستغلين مناصبهم وسلطاتهم!
صحيح أن الشعب المصرى العظيم استطاع أن يسدد لهذه الطبقة الحاكمة طعنات حادة وقاصمة فى ثورة مدهشة ونادرة المثال انتهت بطرد مبارك (رمز الطبقة الملعونة وكبيرها الفاسد) من نعيم السلطة، إلا أن الطبقة استعادت توازنها سريعاً واستلمت السلطة السياسية (بوجه عسكرى متزمت وعنيد)، وراحت تناور وتداور... تتلكأ وتكذب حتى تستقر لها الأمور، وما صاحبنا قناص العيون إياه إلا أحد الوجوه الكئيبة للطبقة الحاكمة بعد إفاقتها من صدمة الثورة. كذلك يعد صعود تيارات الإسلام السياسى فى المرحلة الأولى من الانتخابات وجهاً آخر من وجوه الطبقة إياها. فإذا أضفنا إلى ذلك اختيار الدكتور كمال الجنزورى رئيساً للوزراء، وهو من رجال الزمن الخراب، فأظنك تتفق معى على أنهم باتوا يرتبون أوضاعهم للسيطرة على الشعب المطحون مرة أخرى. أما نحن الملايين من المصريين الذين انتفضنا وثرنا بحثاً عن الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، فليس لنا سوى الانتباه جيداً لما يحاك ضدنا الآن، وليس لنا سوى مواصلة الكفاح من أجل حياة أكثر عدلاً وإنصافاً وجمالاً! وهو أمر سيحدث حتماً لأن المصريين عرفوا أخيراً كيف الوصول إلى طريق المستقبل المشرق.