ماذا بعد أن نجحت ثورة 25 يناير فى إسقاط نظام مبارك؟ هذا هو السؤال الكبير المفتوح والذى يقتضى لنا جميعاً إجابته الأولى، تخص كل واحد منا على حدة والثانية تخص المشترك بين كل واحد منا والمجتمع.
لا أريد بالطبع أن أقف موقف الخطيب والواعظ الذى يذكر بضرورة أداء الواجبات التى لا شك أن كل فرد فى هذا المجتمع يعرفها حتى وإن لم يستطع التعبير عنها، ولكنى أكتب هذه الكلمات وفى ذهنى ظلال ثورة 25 يناير التى تركت فى نفوس الكثيرين تأثيرين متباينين أشد التباين.
التأثير الأول، يتمثل فى تلك الرغبة المعلنة فى إعادة بناء مصر التى ولدت من جديد بعد الثورة، ويكفى أن نلقى نظرة على الشباب والفتيات فى شوارع وأحياء مدينة الجيزة، الذين أخذوا على عاتقهم استكمال الثورة بإطلاق مبادرة التنظيف والتجميل لشوارع المدينة، يكفى أن نلمح هذا الإصرار على إعادة بناء مصر الآخذ فى التبلور فى مبادرات رمزية نتمنى أن تتخذ شكل الإرادة العامة التى تجعل كل فرد بناءً فى مجال عمله، يضيف إلى نفسه وفى الوقت نفسه يضيف إلى هذا البلد الذى يولد من جديد تحت أعيننا.
التأثير الثانى للثورة أراه فى إخراج كوامن النفوس المقهورة والشاعرة بالظلم والاستعباد وإن تم ذلك بصورة عشوائية انقلابية، ويكفى أن نحدد ما حدث خلال يوم أمس من احتجاجات وتمردات ومحاولات انقلاب داخل المؤسسات والمصالح الحكومية.. موظفون يطالبون بعزل رئيسهم.. صحفيون فى عدة مؤسسات صحفية يتجمهرون لطلب عزل وإقصاء رؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير، بل إن بعضهم اعتدى بالفعل على رؤسائه بالضرب ومنعوهم من دخول مكاتبهم أو الخروج منها.
شتان بين الموقفين، موقف الشباب الذى أخذ على عاتقه البناء بحسب فهمه وقدرته، وبين موظفين يقودون الانقلاب والاحتجاج العشوائى ضد قياداتهم دون نظام وبعشوائية معطلة حتى وإن اتخذت شعار الثورة والعهد الجديد.. إلخ.
لا أدافع بالطبع عن رؤساء مجالس إدارات ورؤساء تحرير الصحف المسماة بالقومية ولا عن مسئولى الإذاعة والتليفزيون فأداؤهم وتحولاتهم المفضوحة خلال أيام الثورة كاف للإشارة إليهم، لكنى أتوقف أمام طرق الانقلاب عليهم، التى أعتبرها فى جانب كبير منها غير مسئولة ولا تفرق بين الاحتجاج الصلب والغوغائية!
لنتعلم جميعاً الدرس من ميدان التحرير وكيف نظم الثوار أنفسهم فمنعوا دخول الأسلحة إلى تجمعاتهم، ومنعوا الشعارات الطائفية ومنعوا كل أشكال الاعتداء اللفظى والبدنى وتشبثوا بالجانب السلمى للثورة حتى تحققت مطالبهم، هل نستطيع إتقان الدرس؟ وهل نجتمع على أن تكون دعوتنا الأولى فى بداية العهد الجديد ، إعادة بناء وإصلاح بلدنا مصر؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة