اكتفت ثورة 25 يناير بشعارات ومطالب سياسية واقتصادية تتعلق بالشأن المصرى، ورغم ذلك خرجت الجماهير العربية فى أكثر من دولة عربية، تعبر عن فرحتها بانتصار الثورة، وعبر الوضع حد الفرحة إلى محاولة الأخذ بنموذج الثورة المصرية.
فى اليمن خرجت الجماهير تطالب بالتغيير، وفى الجزائر حدث نفس الوضع، ولم تتأخر قوى سياسية فى الأردن عن الركب، وعلى القائمة دول أخرى مرشحة، ودول اضطر رؤساؤها وملوكها إلى سرعة البحث عن حل كرفع المرتبات، وإقالة حكومات.
فى ليبيا اضطر رئيسها العقيد معمر القذافى إلى عقد لقاءات مع المواطنين، وفى سوريا قررت الحكومة التساهل فى خدمة الإنترنت، وفى العراق اندلعت المظاهرات ضد الفساد والفقر، ورفع المتظاهرون يافطات مكتوب عليها " ميدان التحرير رقم 2"، حتى السلطة الفلسطينية اضطرت إلى الإعلان عن إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، وفى لبنان عقدت قوى سياسية مؤتمرات تعبر عن فرحها، ولم تتخلف الصحافة العربية عن الركب فعبرت هى الأخرى عن فرحتها بما حدث فى مصر، وكأنه شأن داخلى فى الدول التى تصدر فيها هذه الصحف، وفى الدول الغربية لم تقتصر الفرحة بالانتصار على المصريين فقط، وإنما امتدت إلى كل الجاليات العربية وجهت الجماهير العربية بوصلتها إلى ميدان التحرير منذ يوم 25 يناير، كما كانت توجه بوصلتها فى الخمسينيات والستينيات من القرن الماضى إلى منشية البكرى حيث يقيم جمال عبد الناصر، وأكدت هذه الجماهير على أن شرارة الأمل العربى تبدأ من مصر شعبا وقيادة، لأنها ترى فى مصر شقيقة كبرى لكنها معطلة قولا وفعلا.
انسحبت مصر طوال حكم مبارك إلى داخلها، ولأن من حكمها طوال 30 عاما لم يفهم قيمتها تاريخا وجغرافيا، بدت مصر من خلال نظام حكمها وكأنها تقف على النقيض من كل القضايا العربية الأصيلة، وظنت شعوب عربية أن مصر لم يعد فيها ما يغرى، ظنت أن الإرهاب يأتى منها، وأن الفهلوة أصبحت نمط حياة فيها، وأن الطائفية هى اختيار شعبها، وأن تعليمها لم يعد فيه جامعة تجذب طالباً عربياً كما كان فى الماضى.
اختار مبارك لمصر شرعية جديدة هى شرعية كرة القدم، فاندفعنا إلى عداء مع أى دولة عربية تهزمنا فى مباراة، من تونس إلى المغرب إلى الجزائر، وكادت أن تنشب حرب مع الجزائر بفضل مباراة، وبسببها خرج من يسب ويلعن فى كل ما هو عربى.
خرجت ثورة 25 يناير لتعالج جسد مصر المريض، فالتقطت الجماهير العربية دواءها منها، لأنها تعلم أن الدواء الذى يأتى من مصر هو الذى يعطى العافية للجسد العربى كله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة