«وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا»، الله أكبر الله أكبر الله أكبر.. الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، انتصرت الثورة البيضاء، انتصرت بشبابها المفعم بالقوة والإرادة والصمود، انتصرت برجالها وشيوخها ونسائها، انتصرت بمسلميها وأقباطها فى ملحمة وطنية رائعة، التأمت مصر بوحدة وطنية حقيقية غير مزيفة، عادت مصر إلى نفسها، وعادت إلى أحضان الأمة العربية، واستعادت إلى حضنها كل أشقائها، عادت قوية أبية عصية تستعيد دورها الطليعى القيادى ومن حولها أشقاؤها لا تُقزم أحدا منهم أو تُحقره ولا تتقزم هى على النحو الذى تراجعت إليه فى زمن غابر، غيبها فيه الطاغية المخلوع ونظامه، فابتعدنا عن وادينا فى الجنوب وأصبحت من تقرر فيه قوى استعمارية، ابتعدنا عن شعبنا فى غزة تركناه نهبا للعدوان الصهيونى محاصرا لا ماء فيه ولا غذاء، حصدنا الصفر الكبير فى تنظيم مونديال كأس العالم.
لم يُسعف مبارك عناده فكان الشعب أكثر عنادا وإصرارا ورغبة فى تحقيق النصر والفوز بالحرية.. الحرية لكل المصريين، سوف تتكشف حقائق كثيرة كان أولها فقط ما تردد من معلومات حول مسؤولية وزير الداخلية السابق عن تفجير كنيسة القديسين فى الإسكندرية لحجب الأنظار عن تزوير انتخابات مجلس الشعب الأخيرة.
وقد استغربت كثيرا عندما طالعت أول قرار يصدر من مبارك فى أيامه الأخيرة بإقالة أحمد عز وتحميله مسؤولية ما يحدث لما قام به من عملية تطهير واسعة لكل الأحرار الوطنيين من مجلس الشعب بل من النقابات المهنية، ووجه الغرابة طبعا مسؤولية مبارك نفسه عن كل ذلك، فما كان لعز أن يفعل ما فعل لولا أنه حصل على ضوء أخضر، فالمسؤولية تضامنية بالتأكيد.
رحل مبارك، وكان يمكنه أن يبقى معززا مكرما رئيسا سابقا استجاب لشعبه بدلا من محاولاته العنادية للتشبث بالسلطة، رحل عن السلطة ليبقى مثلا لكل الطغاة فى عالمنا العربى، فأى منهم سيعمل على البقاء دون رضا شعبه سيكون مصيره الطرد قسرا.
كنت واثقا من النصر، رغم كل المحاولات التى بذلها النظام لاحتواء الثورة، كنت على ثقة من النصر رغم كل ألاعيب السحرة الذين بذلوا كل الحيل ليسحروا بها الشعب الثائر، سحرة أنس الفقى الذين تنططوا مثل البهلوانات يتحدثون بحديث ناعم، حقيقة هناك مخلصون ترددوا تردد المشفق على وطنه، لكن كان هناك المغرضون الذين وثقوا بالصنم الأكبر ووثقوا أيضا بكبير السحرة أنس الفقى.
علينا أن ندرك أن القادم أصعب، حققنا جولة مهمة نستحق معها الفرحة والبهجة والسرور، لكن القادم أصعب، صنع مناخ ملائم لحياة ديمقراطية سليمة نمارس من خلالها العمل السياسى والنقابى دون رقابة أو وصاية، نمارس خلالها حرية تأسيس الأحزاب دون وصاية من أحد، نمارس حرية العمل النقابى لنطرد منه كل الدخلاء الذين راهنوا على الحزب الوطنى وأحمد عز.
لعل أهم الخطوات التى تتوافق حولها الجماعة الوطنية هى إلغاء حالة الطوارئ ووقف العمل بقانون الطوارئ والإفراج الفورى عن كل المعتقلين والسجناء السياسيين ليشاركونا الفرحة، الذين دفعوا حرياتهم ثمنا لمعارضتهم نظام حسنى مبارك، هناك المئات دخلوا السجون شبابا يافعا وبقوا فيه حتى صاروا شيوخا لا بد من الإفراج الفورى عنهم بقرار عفو شامل يصدره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، إذ لا فرحة دونهم اعترافا بصنيعهم فقد أدوا عنا واجب الكفاية فى قول لا لطغيان مبارك ونظامه. حق على كل المشردين فى منافى العالم أن يعودوا فورا للبناء فى بلادهم، نحن فى حاجة إلى مصالحة وطنية شاملة وحقيقية نطوى فيها الجراح والآلام نصفح فيها عن كل الزلات لبعضنا البعض داخل الجماعة الوطنية.
رسالة حب وتقدير للشباب الذى علمنا الثورة ودفق الدماء فى عروقنا، خلصنا من الخوف وطهرنا من الخطايا. رسالة تقدير لكل العلماء والدعاة الذين انحازوا إلى حق الشعب فى عزل الحاكم المستبد، ونفضوا غبار الركون لمبادئ استضعاف تطالبنا بالخنوع للحاكم ولو كان ظالما فاجرا مستبدا.. تقدير عميق للعلامة يوسف القرضاوى الذى ألهم الشعب روح الثورة وأعطاهم فتوى الخروج على هذا الحاكم الديكتاتور، وسوف أفرد لاحقا مقالا مخصصا للداعية المجاهد صفوت حجازى الذى لعب دورا تاريخيا على أرض الميدان، فما رأيته إلا محمولا على أعناق الشباب فى كل ركن من أركان ميدان التحرير، بل هناك أمام مجلسى الشعب والشورى، بل هناك أمام مجلس الوزراء، هذا هو دور الدعاة المخلصين لا يحرصون على مصالح خاصة أو أضواء رخيصة، هكذا وجدنا دعاة يسقطون وهم يتملقون النظام ويفترون على الشباب الثائر.
رسالة عرفان وتقدير إلى «قناة الجزيرة» التى التزمت بنقل الصورة دون تزييف، رغم كل المحاولات التى بذلها النظام البائد للحيلولة بينها وبين القيام بدورها، وفرق كبير بين نقل الصورة وتغييب الوعى، الجزيرة لم تصنع الحدث، وإن أسهمت فى دعم صمود المعتصمين فى ميدان التحرير وانتقال المتابعين لها فى البيوت إلى دعم الشباب، قلت من قرابة 13 عاما لولا الجزيرة ما كانت الفضائيات الخاصة التى بدأت تُطل آنذاك.
وإن ذكرت فلن ننسى موقف المستشار زكريا عبدالعزيز الذى أيضا حُمل على الأكتاف وهو يهتف ضد نظام حسنى مبارك، وهو يتحدث للجماهير الهادرة فى ميدان التحرير مطالبا بالثبات والصمود.
قلت إن القادم أصعب ويحتاج يقظة دائمة لتنفيذ كل المطالب التى خرجنا لأجلها فإما الحرية وإما مواصلة الطريق، وقد عرفناه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة