أثق فى لجنة التعديلات الدستورية التى شكلها المجلس العسكرى الحاكم، من ثقتى فى شخص رئيسها المستشار طار ق البشرى، ولا أستريح لكلام البعض فى انتقاده للجنة من زاوية تصنيف بعض المشاركين فيها سياسيا، وخاصة فيما يراه البعض بأن صبحى صالح نائب البرلمان السابق ينتمى إلى الإخوان المسلمين.
ظل المستشار طارق البشرى على موقفه المعارض جذريا للنظام السابق، وطالما حذر من الحكم الفردى والاستبداد السياسى، وهو من الذين أطلقوا مبكراً نداء قال فيه: "أدعوكم إلى العصيان"، وكان ذلك فى عام 2004.
فى نداء طارق البشرى إلى العصيان، قال: "إن الطغيان لا يبقى قويا إلا بقدر ما يكون الناس متفرقين، وهو يعرف جيداً من أول درس استوعبه فى علم الطغيان، أن مصدراً مهماً لقوته عليهم هو الشتات الذى يحبون فيه، لذلك لابد من تجاوز الشتات، شتات المواطنين فى وطنهم، ولا يبدأ هذا التجاوز إلا بالممارسة الفعلية، فهى ما عليه المعول، ولا يظن صاحب عقل رشيد أن الحاكم سيعطى المواطن من تلقاء نفسه ما يقوى به المواطن على الحاكم".
هذه الخلفية تقودنا إلى القول إننا أمام مفكر كبير مخلص فى حب وطنه، ومؤمنا بالديمقراطية، وهى القضية التى سخر لها قلمه فى مؤلفات كبيرة ومؤثرة، وألقى عليها إطلالة تاريخية بدءاً من مرحلة ما قبل ثورة يوليو عام 1952 مروراً بمرحلة الثورة، وانتهاء بالمرحلة التى عادت فيها الحياة الحزبية عام 1976، واستمرت حتى الآن، ومن خلال هذه الإطلالة سنجد رؤى البشر كلها تصب فى صالح الديمقراطية قولا وفعلا، ولهذا فإن اختياره رئيسا للجنة التعديلات الدستورية يعد استكمالا أو تتويجا لمسيرته المحترمة، وأثق أن الرجل بماضيه وحاضره الوطنى المشرف سيعمل وفقا لضميره النزيه، وباعتباره من المؤرخين والمفكرين المحترمين، فهو يطمح إلى أن يخلده التاريخ من زاوية أنه الرجل الذى سيشرف على الدستور الذى سينقل مصر إلى المستقبل.
انتقاد اللجنة التى تضم اسما محترما أيضا هو الدكتور عاطف البنا، بالإضافة إلى باقى الأسماء المحترمة الأخرى فيه قدر كبير من التسرع، ولو أخذنا بالرؤية التى تقول إن "فلان" مرتبط بوزير العدل، و"علان" ينتمى إلى فصيل سياسى معين، وإن اللجنة يجب أن يكون فيها عدد كافٍ من الأقباط، فهذا يعنى أننا لن نصل إلى شىء، وسنبقى ندور فى حلقة مفرغة، لأنه من الطبيعى أن أى قامة قانونية لها انتماءات سياسية، وهذا ليس عيباً.
المطلوب هو إعطاء الفرصة كاملة لعمل اللجنة، حتى نرى إنجازها الذى سيعرض على الشعب المصرى فى استفتاء يقول فيه الشعب كلمته الأخيرة.