هذا وقت الاغتيالات وتصفية الحسابات بالحق أو بالباطل، هذا وقت الخطف والترويع والتخوين والقتل على الهوية، هذا وقت التصنيف، باختيارك أو رغما عنك، صحيح أن اللجان الشعبية استطاعت أن تحمى منازل وأعراض المصريين أوان الانفلات الأمنى فى عز الثورة، لكن هذه اللجان التى هى أنا وأنت عادت إلى منازلها، ومع ذلك لم يتوقف الانفلات الأمنى حتى هذه اللحظة، أقول ذلك بمناسبة المكالمة التليفونية العادية بين زميلى وصديقى خالد صلاح بصفته رئيس التحرير وبين أحد رجال الأعمال بعد صدور العدد الأول من النسخة الورقية عام 2008
فجأة، جرى نشر وتسويق المكالمة التليفونية العادية حول سياسات العدد الأول من اليوم السابع، وكأنها التهمة المؤكدة بأن خالد صلاح موال للنظام السابق، وهى التهمة الأكثر رواجا الآن فى الوقت الذى يتنكر فيه أزلام النظام وقيادات المعارضة من مبارك ونظام حكمه، وانتشرت المكالمة ونصها على طريقة "اقرأ الحادثة.. اقرأ الحادثة" ولو هدأت قليلا وتمعنت فى ما يجرى ستجد أنه لا حادثة ولا يحزنون، إنما هى محاولة اغتيال فاشلة لليوم السابع ولـ خالد صلاح أحد رؤساء التحرير القلائل الذين ثبتوا على مواقفهم قبل 25 يناير وأثناء الثورة وبعدها، فى الوقت الذى كان الفئران كالعادة يهربون من السفينة ويعيدون طلاء أجسادهم حتى تتوافق مع السفينة الجديدة التى يعتزمون نشر الطاعون بها.
لا أكتب هذه الكلمات دفاعا عن اليوم السابع أو عن خالد صلاح، فبحكم موقعى فى إدارة تحرير الموقع الإلكترونى أعلم تماما كيف يتم صنع السياسات العامة فى اتجاه الالتزام بأقصى درجات المهنية والحيدة، مع الخبر والحدث أيا كان مكانه أو أبطاله، ومع الثورة قلبا وقالبا ليس بوصفها الحدث الأهم والأكبر خلال الشهر الماضى فقط، ولكنها الأمل والملاذ لهذا الوطن من أوضاع كنا ننادى بتغييرها، وفى مقدمتنا خالد صلاح رئيس التحرير الذى يضع السياسات التحريرية.
هى شهادة حق لا ينبغى كتمانها رغم الشعور بالقرف من تلك المحاولة الرخيصة لتشويه المنبر والرجل ،فالمتابعون يعرفون جيدا أن اليوم السابع كان فى مقدمة الصحف التى نشرت وتنشر أخبار ميدان التحرير والثورة فى المحافظات وتابعت لحظة بلحظة ما كان يجرى من محاولات فاشلة لإجهاضها، كما رصدت وحذرت من محاولات هروب رجال الأعمال والمسئولين إلى الخارج، مثلما تابعت أولا بأول خطوات الثورة وصولا إلى تنحى الرئيس السابق وإسقاط نظامه والاحتفال بالنصر، وما تلا ذلك من تغييرات كبيرة فى المشهد السياسى من اختفاء وجوه وظهور وجوه أخرى وإعادة الاعتبار لشخصيات فاعلة على الأرض ومستبعدة من الحراك السياسى.
أشهد أن خالد صلاح أعلن موقفه وثبت عليه قبل الثورة وأثناءه وبعدها، ولمن يريد العودة إلى المقابلات التلفزيونية التى أجريت معه أو مداخلاته الهاتفية، فقد كان أكثر ما كان يثير غيظه وغيظنا، تحولات قيادات الصحف المسماه بالقومية من عبادة شخص الرئيس والتسبيح بحمده إلى الانقلاب عليه والتهوين من شأنه، ووصمه ونظامه، بما لم ينزلق إليه مسئولو الصحف المستقلة والمعارضة، وفى المقدمة منها "اليوم السابع" والأولى بحكم التضييق والملاحقة أن تفعل ذلك، وأذكر فى أحد المناقشات اليومية أن خالد صلاح قال لى "إن التاريخ القريب سيشهد محاسبة الجميع وساعتها سأضع كلماتى وما كتبته فى هذه اللحظات الفاصلة فى عيون المتلونين والمتحولين وراكبى الموجة".
المسألة إذن تتعلق بموقف وتأثير اليوم السابع، وثبات الموقف الذى أعلنه خالد صلاح منتقدا بصراحة فى أكثر من موقف خيانة أجهزة الأمن لأمانتها عندما انسحبت فجأة من الشارع وتركت المواطنين عرضة للسلب والنهب من قبل بلطجية النظام وخريجى السجون، كما انتقد بنفس الحدة والثبات مواقف وتحولات قيادات الصحف القومية من النقيض إلى النقيض، فهل كان ذلك سببا لتلك المحاولة الرخيصة لتشويه السمعة والإنجاز؟
أتساءل، لماذا لم ينشغل أحد من الذين نشروا تلك المكالمة وبعضهم إعلاميون زملاء، بمن تجسس ومن سجل ومن أذاع بعد مرور 3 سنوات على الحديث، أيام كان النظام السابق فى عز تسلطه وطغيانه، وكانت الدولة محكومة تماما بقبضة أمنية حديدية؟
ولماذا لم يتساءل الذين نشروا وفرغوا المكالمة على نطاق واسع من الزملاء الإعلاميين ،وكأنهم عثروا على الضربة الإعلامية التى لا بعدها ولا قبلها، عن فارق التوقيت بين ساعة تم هذا الحديث التلقائى بين رئيس تحرير يمشى على خط النار للمحافظة على الصدور فى زمن الأجهزة الأمنية، واللحظة الراهنة التى كانت بمثابة الاختبار للمصداقية والمواقف المبدئية؟
الإجابات واضحة لكل ذى عينين بالطبع، لكن الحمد لله الموفق، اليوم السابع يتقدم خطوة بعد خطوة، بجهود كتيبته التى تبذل جهدا فوق العادة، وبالالتزام المهنى الذى رفعه خالد صلاح إطارا للسياسة التحريرية فقد كان هذا الالتزام هو الجسر الرئيسى الذى عبرعليه اليوم السابع إلى عقول وقلوب القراء.. ولا عزاء لفئران السفينة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة