يا الله.. هل نحن نحلم أم أن ما نراه هو الواقع البين والحقيقة الناصعة والساطعة سطوع شمس الثورة التى بزغت من ميدان التحرير.
أغمض عينيك قليلا وأرجع بالذاكرة قليلا إلى ما قبل 25 يناير بشهر أو شهرين هل كنت تتخيل أنت تشاهد أسماء وصور أباطرة الفساد وأهم وأقوى أركان النظام السابق تزين الصفحات الأولى من الجرائد. هل كنت تتصور أن تشاهد عز والعادلى وجرانة والمغربى وهم مكبلون فى القيود فى طريقهم إلى سجن المزرعة؟
الأحلام فى أقصى مداها تتحقق الآن فى مصر وكبار الفاسدين يتساقطون ويحاكمون ويساقون إلى الزنازين، فى لحظة سيتوقف التاريخ أمامها طويلا غير مصدق لما يحدث، فالذين تعالوا واستكبروا وطغوا فى البلاد وزروا وفسدوا وأفسدوا دون حسيب أو رقيب غارقون الآن فى كوابيسهم فقد كتبت ثورة الشباب كلمة النهاية.. نهاية كل فاسد ومزور.
أحمد عز الرجل الحديدى والفتى المدلل الذى احتكر السياسة والاقتصاد فى مصر شاهده الجميع يهبط من عربة الترحيلات إلى السجن وسط حراسة مشددة كانت فى السابق تخلى الطريق من أمامه، فقد كان الطاووس والإمبراطور الأمر الناهى لكل من حوله لتنفيذ أوامره دون إبطاء.
حبيب العادلى جلاد وزارة الداخلية وصاحب فضيحة الهروب الأمنى الكبير رحب به النزلاء بالأغنية العتيقة للسجون فى مصر "يا بلحة ياحلوة يا مقمعة شرفتى أخواتك الأربعة" وجاءت الأغنية منسجمة تماما مع صحبة عز والمغربى وجرانة.
الآن رؤوس الفساد الكبيرة تتساقط ومازالت هناك رؤوسا أخرى ننتظر سقوطها ومحاكمتها واسترداد الأموال المنهوبة فى الداخل والخارج.
لكن الأهم والأخطر من الرؤوس الكبيرة هو الفساد الصغير أيضا فى المحليات والشركات والمصانع والبنوك الذى تكاثر كنبات الهالوك الطفيلى المتسلق حول أعمدة ورؤوس الفساد الكبيرة ومنظومة الفساد التى شكلت مؤسسة متوحشة قائمة بذاتها فى النظام السابق، وهو الفساد الذى يجب محاربته واجتثاثه، لأنه وراء كافة الاحتجاجات الفئوية التى نراها هذه الأيام، فالمحتجون يرون أن الثورة لن تكتمل إلا بالقضاء على كافة أنواع وأشكال الفساد فى النظام السابق وتطبيق مبدأ العدالة وإعادة الحقوق المشروعة للمحتجين أو على الأقل الالتزام بها كما جاء فى بيان المجلس العسكرى للقوات المسلحة والذى طالب بعودة الهدوء ووقف الاحتجاجات وإلزام الجهات المعنية بدراسة مطالب الاحتجاجات الفئوية فى كل القطاعات فى مصر وتنفيذها طالما كانت مطالب مشروعة.
بقايا الفساد مازالت منتشرة والقضاء عليها يستوجب معرفة من يقف وراءها من رموز العهد السابق.
إن ما تحقق حتى الآن من ثورة 25 يناير يعد إنجازا كبيرا لكن الطريق مازال طويلا لتحقيق مجتمع العدالة الاجتماعية بوضع قوانين وتشريعات واضحة وآليات فاعلة لمحاربة الفساد وسوء استغلال المناصب والمحسوبية.