المؤكد أن الثورة المصرية النبيلة تسير حتى الآن بخطا واثقة.. وإن كانت بإيقاع بعيد عن «الشبابية».
والواضح أن حجم الفساد الظالم كان فاجعة، برغم تأكدنا من وجوده.. لذا فإن ترك الشأن الرياضى الذى يمس شباب الأمة المصرية التى تم حصارها بجيوش الظلام الفاسدة ثلاثة عقود ونصف، حتى نكون منصفين، يعد أمراً صعباً خشية أن يستقر فساد «متطوعى» الرياضة المتحولين على أنهم فسدوا تحت شعار «مجبر أخاك على الفساد.. لا بطل» وأنهم سيواصلون فى أماكنهم التى كان يجب أن يُقتلعوا منها منذ صفر المونديال الشهير، وليس من قبيل البطولة.. إنما من قبيل التذكير نشير إلى أن رصد هذا الفساد الرياضى تم فى حينه، لكن دولة الفساد قامت بحمايته بل تقنينه!
الفساد بالمليارات من الجنيهات فى الرياضة المصرية.. وكرة القدم تعد النموذج الأشمل للفساد والمفسدين باعتبارها الأكثر جماهيرية وشعبية، لذا نعيد.. نعم نعيد فتح ملف الفساد الرياضى، لتقديمه للنائب العام ورجاله محامىّ الشعب.
ملفات الفساد عظمى ومترامية الأطراف، والأدلة عليها مثلها مثل كل الحالات يجب أن تبدأ من فتح ملفات ضرائب «متطوعى» الرياضة.. لأن ما خفى من شركات وهمية، وبيع من الباطن لحقوق رياضية يثير الغثيان ويحتاج لشرفاء يقدمون أدلة دامغة.
بداية الملفات الضرائبية يجب أن تكون من رئيس الوزراء أحمد نظيف.. وهذا بخلاف «بلاوى» سيادته.. لكن أن يدفع مليون يورو من خزينة المجلس القومى للرياضة لحملة دعاية بطولة البحر الأبيض «إسكندرية 2017» التى نسعى لتنظيمها فى الثغر المصرى الجميل لشركة، فهذه مصيبة تستوجب محاسبة خاصة، وأظن أن جهات التحقيق تمتلك حق الحصول على الأدلة، فالشركة باسم محمود عطا الله نائب رئيس هيئة الاستثمار! والمؤكد أن محامىّ الشعب والنائب العام قادرون على الحصول على أدلة خاصة وأن شركة عطا الله لا تمتلك اى سابقة أعمال ترويجية.. بالإضافة لعدم الاستعانة بهيئة تنشيط السياحة مثلاً.
النموذج الصارخ الثانى هو اللواء منير ثابت، المتورط- بحسب بلاغ للنائب العام- فى تكوين شركة مع سمير زاهر وآخرين للعمل الرياضى وخلافه، فهل يتم فحص إقراره الضريبى أيضاً مع الأخذ فى الاعتبار تطبيق الإقرار على أرض الواقع.. بمعنى أن يتم حصر الثروة والقصور والقلاع الشتوية والصيفية.. لا أن يتم تداول إقرارات كلنا نعلم أنها كانت فاسدة، لكنها ممهورة بخاتم النسر!
فلا يعقل أن يمتلك «ثابت» ضياعا بآلاف الأفدنة وقصورا وفيلات وسيارات دون شركة.. بلاش شركات غير معلومة، أو بالمعنى المتعارف عليه شهيرة مثلاً!
أما سمير زاهر المتورط فى إفساد الرياضة ومعه نجله الذى أعلن خلال خوضه لانتخابات مجلس إدارة نادى هليوبوليس الرياضى على مقعد العضوية- أن ضمن خبراته قيامه بتسويق منتخب مصر الفائز بكأس أمم أفريقيا 2006، وأنه حاصل على دراسات فى التدريب من إنجلترا، رغم أن قوانين الدولة المصرية تحظر اقتراب الأقارب حتى الدرجة الثالثة من العمل فى مؤسسة واحدة.. وقصة بيع الكواليس الخاصة بالمنتخب وحقوق رعاية الكرة المصرية، وعلبة دبى، ثم البلاغ المقدم للنائب العام عن شركة «زاهر - ثابت» أيضاً.
لذا فإن تطبيق قاعدة الواقع على الموجودات المالية هام جدا، فزاهر الذى كان قد اتهم فى قضايا إفلاس كرجل أعمال، وشيكات بدون رصيد، وتبديد أموال عامة.. قبل أن يدخل انتخابات الجبلاية بلعبة ما يسمى بـ«استشكال».. وهى اللعبة التى استخدمت كثيراً فى دولة الفساد الماضية، يعلم الوسط الرياضى أنه لا يمتلك إلا مكتباً فى عمارات «العبور» عمارة رقم 1.. اسمه «M 6» لا نشاط معلنا له.. ولا توجد سلعة اسمها زاهر.. أو مصنع ينتج بضاعة اسمها زاهر.. أو مزارع بها محصول اسمه موالح أو مانجو أو موز زاهر، يمتلك سيارات فارهة وشققاً شتوية وفيلا صيفية فى العجمى، وما خفى كان أثمن.. ولعل العجب العجاب ألا يكون بيزنس رئيس اتحاد الكرة معلوما للشارع المصرى، وكأنه بيزنس سرى!
أما رئيس الأهلى حسن حمدى الذى انتفض موظفوه بعد ثورة يناير مطالبين بخلع جيوش المنتفعين الذين يعملون بالنادى العام لمجرد أنهم رجاله، ولهم فوائد انتخابية أطاحت مرة بمحمود طاهر وحسام بدراوى وقبلهما طاهر أبوزيد، فإنه أيضاً مطالب بإثبات كيفية هدمه للجدار بين النادى الأهلى الذى يترأسه، ووكالة الأهرام للإعلان التى يترأسها أيضاً، والتى تفوز منذ زمن بعيد بحقوق رعاية النادى الكبير، ثم إعادة بيعها بمبالغ أكبر.. لدرجة أنه فى أحد المواسم اشترت وكالة رئيس النادى حقوق الأهلى بقرابة 23 مليون جنيه، ثم إعادة بيعها بـ 76 مليونا.. ألم يكن النادى الذى يديره هو الأولى بهذا الفارق؟!
أم أن عمولات الوكالة كانت الأهم؟!
المذهل أيضاً أن التطبيق على أرض الواقع سيوضح أن أموال رئيس الأهلى ووكالة الأهرام لا يمكن أن تكون نتاج أرباح طبيعية!
أما النموذج الآخر لفساد التطوع الرياضى فهو من يدعون أنهم يترأسون الأندية للصرف عليها مثل النائب محمد مصيلحى، رئيس نادى الاتحاد السكندرى وعضو مجلس الشعب البائد.. فهو الآخر يتحدث عن الإنفاق من ماله الخاص، وهى حالة فريدة فى كل العالم.. فمن يعرف نموذجاً فى أى مكان فى العالم المتحضر بالطبع، ومعه النموذج التركى اللى على قد حالنا يصرف من جيبه!
الصرف يعنى الاستفادة.. واسألوا شركات النقل البحرى من ناحية، ومن ناحية أخرى لماذا لا يتقدم نموذج مصيلحى بمشروعات تنموية استثمارية للأندية؟!
لكن حتى لا نشير لمصيلحى فقط، يجب أن نوضح أنه نموذج لشريحة موجودة، إنما هو يدير ناديا شعبيا كان ببساطة يمكنه أن يصبح نادياً غنياً.. إنما سياسة الصرف الخاص معناها معروف بالطبع!
النموذج الأخير.. وأيضاً هو أكثر شيوعاً، فهو المدير الفنى لمنتخب مصر المعلم شحاتة، الرجل الذى كان يسبّح دائماً بحمد رئيس الدولة لا شعبها ولا جماهيرها، حتىإأنه كان يرفض أى إطلالة مجانية يتحدث من خلالها للجماهير إلا مدفوعة الأجر، سواء للشاشات أو حتى ميكروفونات الإذاعة، اللهم إلا لو كان البرنامج من تقديم نجله الذى فرضه على الإعلام «كريم»، حتى وصل راتبه إلى 60 ألف جنيه فى التليفزيون، و30 ألفا فى الإذاعة، ولا أحد يعلم كيف توافق جهتان إعلاميتان على شخص واحد فى زمن الحصرى؟!
لكن الأهم هو أن المعلم كان يختار المباريات الودية طبقاً لمنظمها، وحبذا لو كان «معتز المنصورى» لأن الموافقة على الوديات لا تكون مجانية، ويجب إعادة فتح ملف مباراة إنجلترا.. مثلاً!
المعلم كان ومازال بالطبع يعمل مديراً فنياً ومندوبا لشركة كأمين، مع بعض الاستثمارات فى الأراضى والعقارات..
بالطبع هى حالة دولة.. لكن آن أوان المحاسبة والمكاشفة.. فلا يصح أن يواصل هؤلاء نفس النهج.. أو أن يحاولوا التطهر.. فالفساد الذى عاشوه أصبح أسلوب حياة.. لذا فإن فتح الملفات الضرائبية أمر بات مطلوباً، مع التذكير بضرورة التطبيق العملى، أو ما يسمى بأرض الواقع.