خطوة مهمة أن تخرج التعديلات الدستورية الأولية لتحدد مدة بقاء الرئيس لأربع سنوات وبحد أقصى مدتين. وما يدور حول تقليل صلاحيات الرئيس وتعيين نائب. وفرض الإشراف القضائى. وكلها تلبى بعض مطالب النخبة، وكانت تبدو من الأحلام العالية قبل ثلاثة أشهر. لكن غرور السلطة والثروة منعها، وتم تلفيق مواد دستورية انتزعت من الدستور أى صلاحية.
ومع أهمية التعديلات التى أعن عنها المستشار طارق البشرى، تبقى الكثير من الخطوات والتعديلات، وربما يتجه الرئيس القادم لتشكيل لجنة تضع دستوراً جديداً يضمن حقوق الشعب ويحدد واجبات السلطة، ويحقق الفصل التام بين السلطات. لأن نظام مبارك أسقط كل الفواصل بين السلطات، وكان الرئيس يدير السلطة التشريعية ويرأس التنفيذية والقضائية.
وكنت أتوقع طالما تم تأكيد الإشراف القضائى على الانتخابات، أن يتم التأكيد على استقلال القضاء، وفرض الحماية على إرادة الناخب من البيع والشراء والتهديد. لأن المالى سيظل يلعب دوره فى أى انتخابات، كما أن التدخلات العائلية والقبلية، فضلا عن التدخلات الحكومية تجعل إرادة الناخب ضعيفة، خاصة مع الفقر أو التبعية الوظيفية.
وربما لا يكون الإشراف القضائى هو الحل النهائى لضمان نزاهة الانتخابات، مع استمرار تبعية القضاء للسلطة التنفيذية فى بعض مهامه واتجاهاته. وهناك دول مثل الهند لا تعرف الإشراف القضائى، ومع هذا تجرى فيها الانتخابات بشكل طبيعى طوال عقود. بالرغم من أن الهند دولة متعددة الأعراق والعقائد. وبها احتقانات طائفية.
الأهم إذا هو تحرير إرادة الناخب من أية تأثيرات، وأهمها تحرير إرادته المادية، لأن الفقر أكثر ما يمكن أن يمثل قهراً للإرادة.
وكنت أتوقع أيضا أن تمتد يد التعديل لمنح المجالس الشعبية المحلية قوتها واستقلالها، لأن المحليات هى المفرخة التى تمنتج النظام السياسى وتؤسس لاستقلاله أو فساده. وقد يرى البعض أن الوقت غير مناسب لمناقشة أوضاع المجالس المحلية. بالرغم من أنها تؤسس لشكل البرلمان. ويفترض أن يحتل جيل 25 يناير المجالس المحلية، ليبدأ تكوين موقفه، حتى لا يترك الساحة للعبث.
وعموماً فإن الحوار حول مثل هذه القضايا له أهمية حتى ولو كان لا يجذب الكاميرات. لكنه يدخل طى الإهمال وسط حالة من الزعيق المتبادل، لا يريد أحد أن يسمع الآخر. مع أن المحليات تمثل منطقة التأسيس لبناء دولة ديمقراطية حقيقية.
عودة إلى الإشراف القضائى، الذى يتطلب استقلالاً حقيقياً للقضاء، وهذا الاستقلال لا يتحقق من دون إصلاح النظام القضائى، وإنهاء توريث مناصب القضاء مثلما هو حادث الآن. وهذه قضية أخرى لأن التوريث فى القضاء والشرطة والبنوك والجامعات والدبلوماسية وغيرها.. أحد أهم أسباب اختلال السلطات. وضرب أول مبادئ العدالة.. ونقصد "تكافؤ الفرص". وهو موضوع يستحق المناقشة.. من أجل تحرير المواطن.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة