منتصر الزيات

مشاهدات وانطباعات أيام الغضب

الجمعة، 04 فبراير 2011 09:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ميلاد جديد من الشباب المصرى الذى لا ينتظم فى عمل سياسى احترافى

> جاء خطاب الرئيس مبارك مخيباً للآمال، فلم يتضمن جديداً يتماشى مع آمال الشعب، فإقالة الحكومة وتكليف غيرها سقف متدن جداً لكل المطالب التى رددتها حناجر الغضب على مدى أربعة أيام. إن حل البرلمان والدعوة لانتخابات جديدة وإزاحة كل الذين تسببوا فى تزييف إرادة الشعب كان يمكن أن يكون مدخلاً معقولاً لاحتواء حركة الغضب، الأمر الذى يجعل حركة الغضب مرشحة للاستمرار.

> كنت أحد الذين استفاقوا على هدير الجماهير فى تونس، وهتافها الخالد «الشعب يريد إسقاط النظام» وترنيمها لمقالة شاعرها العظيم أبوالقاسم الشابى «إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلابد أن يستجيب القدر»، كنت واحدا ممن استطالوا صمت الشعوب العربية، وتوفرت قناعة بعدم قدرتها على ممارسة حقوقها فى التعبير والمطالبة بالتغيير والإطاحة بطواغيت استبدوا عقودا طويلة، حتى خرج الشعب التونسى البطل بعد 23 عاماً من الظلم والجور والاستبداد.

كان كثيرون مثلى يتساءلون عما يمكن أن يحدث فى يوم الغضب؟! هناك فساد فى الحكم، وهناك أيضاً فساد فى النخبة المصرية، وهو ما يعطل انطلاقة الشعب فى الخروج خلفها سواء الأحزاب السياسية أو الحركات التى تصدعت سريعاً. كانت قناعتى أن الشعب المصرى يكاد يختنق من سياسات الحزب الوطنى الحاكم السياسية والاقتصادية والاجتماعية، فالغلاء يطحن صلب الأسرة المصرية، وارتفاع الأسعار يكبّل قدرتها على التنفس، والتزوير المفضوح لانتخابات مجلس الشعب الأخيرة، وإسقاط كل رموز المعارضة المصرية، واحتكار المقاعد فى استهانة مزرية بالشعب وتياراته المختلفة، واحتكار مجموعة من رجال الأعمال المشروعات والقروض والأموال، ومنهم أيضاً من احتكر مع الثروة السلطة، فصاروا وزراء ومسؤولين يتحكمون فى كل شىء فى مصر، وكلها أسباب ترشح للثورة وانفجار الشارع الذى بقى يبحث عمن يثق فى الخروج معه، حتى وجد فى الشباب ضالته.

صحيح ما جرى فى تونس دفق الدماء فى عروقنا وهتفنا «لسه الأمانى ممكنة» وبات واضحاً أن مصر تولد من جديد، وأن الخير فى شبابها المفعم بوطنيته وحبه للبلد، وأن الشباب توفرت لديه القدرة على الفرز والإحاطة بكل ألوان التزوير والاستخفاف والكلام المنمق الباهت «من أجل مستقبل أولادك»، وغيرها من شعارات الحزب الوطنى، فركت عينى على ما نشاهده من حماسة الشباب والشيوخ والنساء والولدان.

> أهم انطباع بالفعل هو ميلاد جيل جديد من الشباب المصرى الذى لا ينتظم فى عمل سياسى احترافى، سواء فى حزب من الأحزاب السياسية المعروفة، أو حتى ضمن حركات الاحتجاج الشعبية التى ولدت خلال السنوات الأخيرة، وإنما يملك حساً وطنياً كبيراً يمتلئ حماسة ورغبة فى المطالبة بالإصلاح والتغيير، وهو أمر يبعث على التفاؤل والأمل، ويدحض كل مشاهد التزييف والبهتان التى استطال بها الحزب الحاكم، واستخف بها بكل قوى الشعب. ومع وضوح التواجد الشباب كانت هناك مشاركات من شرائح عمرية مختلفة.

> أيضاً لوحظ ضعف تغطية «الجزيرة» يوم الغضب الأول يوم 25 يناير، وظهر ذلك من تقلص مساحة التغطية ونقل الصور بثاً مباشراً أو تسجيلاً متكاملاً، وبدا أيضاً من كتم الصوت عن هتافات المتظاهرين، وبث صورة مكتومة الصوت، ولو أحسنا الظن بـ«الجزيرة» لفسرنا ذلك بانشغالها بما كان يجرى فى لبنان، باعتبار أن «قطر» طرف رئيسى وبارز فى احتواء الموقف هناك منذ قمة الدوحة التى أتمت اتفاق نزع فتيل العنف، وتشكيل حكومة إجماع وطنى ضمت قوى الموالاة والممانعة، لكن استدركت «الجزيرة» الموقف وتابعت بشكل مكثف كعادتها فى مثل هذه المواقف نقل نبض الشارع المصرى، طيلة الأيام التالية حتى ساعة بداية كتابة مقالى وتسجيل خواطرى عصر «جمعة الغضب».

> اتساع حركة الاحتجاج لتشمل طول البلاد وعرضها، وأنها لم تقتصر على القاهرة فقط، وإنما فى الجيزة والسويس والإسماعيلية والشرقية وسيناء والأقصر وطنطا وبورسعيد ودمياط والمنوفية وأسوان، ومع هذا الاتساع تلاحظ وجود «همة» و«إصرار» و«عزيمة» لدى المتظاهرين، وعدم الاستسلام لمحاولات الأمن فض التظاهرات، لتنبئ عن ظاهرة احتجاج واسعة النطاق، تفرض على النظام فى مصر ضرورة مراجعة سياساته وأدواته.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة