من نعم الله على أى وطن أن يهبه شباباً واعياً قادراً على العطاء، فالشباب عصب الأمة، وقاطرة المجتمع التى تسير به إلى الأمام، فبهم ترتفع هامات الشعوب، وتقوى ظهور المجتمعات، ومن فضل الله على مصر، أن لديها زينة شباب العالم، ومن أراد أن يتأكد من ذلك فعليه أن يذهب إلى ميدان التحرير، ليرى بعينه شباباً غيروا وجه التاريخ، وصنعوا المستحيل وحرروا وطنًا من ميلشيات الفساد والاستبداد والديكتاتورية، وأجبروا هامات الطغاة على الانحناء أمام إرادة التغيير لديهم.
إنهم شباب جعلوا كل الأجيال السابقة يشعرون بالقزامة أمامهم، فقد حققوا فى 8 أيام هى عمر ثورتهم المباركة، ما لم يحققه المصريون على مدار تاريخهم، ومنحوا المقهورين من أبناء شعبنا كرامة وعزة لم نكن نحلم بها يومًا من الأيام، بل نجحوا فى هز كراسى الطغاة، وإسقاطهم من عليها، وحققوا من المكاسب السياسية مالم نتوقعه، وقدموا أرواحهم الزكية قربان محبة لله ثم الوطن، ولم يبخلوا بدمائهم وقدموها بنفس راضية، رافعين شعار فلنمت ليحيا الوطن.
وقد رأيت بعينى فى جمعة الغضب والأربعاء الأسود يد الاستبداد تغتال العشرات منهم، وتمعن فيهم قتلا رغم شعاراتهم السلمية، وأكثر ما أثر فى تلك الكلمات التى رددها أحد الشباب أثناء احتضاره، حيث كان يردد "بحبك يا مصر وروحى رخيصة عشانك، وأملى يرضا ربى عنى"، هؤلاء هم شباب مصر، الذى لا نملك إلا أن نُقبل إقدامهم ونطأطئ لهم الرءوس، على ما قدموه لنا من مكاسب كان ثمنها أرواحهم الطاهرة.
كما ضرب هؤلاء الشباب بمختلف مشاربهم السياسية، مثالا رائعاً فى التحضر والتظاهر السلمى أمس، وحولوا مظاهراتهم إلى كرنفال سياسى، عبروا فيه عن كل مطالبهم، فمنهم من غنى الغناء السياسى، ومنهم من أنشد الأناشيد الإسلامية الوطنية، ومنهم من ألقى الشعر الذى ألهب مشاعر المتظاهرين، وقدموا فى ساحة التحرير المشاهد التمثيلية الساخرة من النظام القائم.
إن هؤلاء الشباب كنز، لو استثمروا لحققوا نهضة مصرية غير مسبوقة، فأى وطن لديه مثل هؤلاء الشاب لابد أن يكون فى مقدمة الأمم، ومن المفترض أن تدعمهم الدولة لا أن تواجههم ببلطجية الشرطة والمسجلين الخطر وتمعن فيهم قتلا، ويكفيهم أنهم أنقذوا مصر من النفق المظلم الذى زج بنا فيه النظام المصرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة