ماذا تريد بالضبط قيادات جماعة الإخوان من حوار النظام مع القوى السياسية الذى يقوده عمر سليمان نائب الرئيس؟
طبعا لم تكن قيادات الجماعة تحلم أن تكون ضمن القوى السياسية المعترف بها على الأرض، أو أن تُدعى ضمن ما يدعى من القوى السياسية للجلوس والتفاوض على كيفية الخروج من الأزمة الراهنة إلى مستقبل أكثر رحابة وتمثيلا لكل القوى على الأرض.
جماعة الإخوان جارت النظام فى تضخيمه وتسويقه لخطرها وتأثيرها أمام الدول الغربية، كما جارته فى ادعاء سيطرتها على ثورة 25 يناير الطاهرة، والحقيقة غير ذلك بالقطع، فلا هى بالخطورة التى تجعل منها فزاعة سياسية، ولا هى سيطرت أو تستطيع السيطرة على الثورة فى ميدان التحرير، إنما الأمر برمته نوع من الطفو على دعاية مجانية تجعل من تأثير الجماعة المحاصرة فى "المنيل" أسطورياً متجاوزاً قدرات الدول والشعوب!
اللافت فى كل ذلك هو خطاب الجماعة المتلون، الذى يحاول أن يمسك بجميع الخيوط، وكأن الناس بلا ذاكرة، فهى من ناحية وعلى لسان مرشدها العام أكدت رفضها التفاوض مع أى من رموز أو قيادات النظام الحاكم، التزامًا بالإرادة الشعبية العارمة التى أعلنت عدم شرعية هذا النظام بكل رموزه ومستوياته، حسب التعبير الفخم للمرشد.
وأكد محمد مرسى، عضو مكتب الإرشاد بالجماعة والمتحدث الإعلامى باسمها، ما ذهب إليه المرشد، معقباً على تصريح نائب الرئيس بأن الإخوان مترددون فى الحوار بقوله: "إن الجماعة ترفض الحوار مع النظام بشكلٍ قاطع، وليسوا مترددين كما زعم سليمان"، وأضاف: "نقول هذا لأن الشعب أسقط النظام ولا نجد أى جدوى من حوارٍ مع نظامٍ غير شرعى مخالف للدستور، و"الإخوان" أعلنوها صراحةً أنه لا تفاوض مع النظام، وأنهم لا يستطيعون أن يضعوا أيديهم فى يد ملطَّخة بدماء المصريين".
هكذا جاء الخطاب الإخوانى المتطرف والمزايد على المد الثورى فى ميدان التحرير، لكن لم يمر أكثر من 24 ساعة على هذه التصريحات النارية لقيادات الجماعة، إلا وفوجئنا بهم يهرعون إلى تلبية دعوة نائب الرئيس، ويتفقون على البيان الصادر عن الاجتماع، وفيه ما سبق أن أعلنه السيد النائب، من أن الرئيس مبارك سيكتفى باستكمال ولايته الحالية وعدم الترشح لمدة رئاسية جديدة والعمل على انتقال سلس للسلطة، إلى آخر ما جاء فى البيان الذى سبق وأعلنه بصورة أو بأخرى نائب الرئيس ورئيس الوزراء، فهل تخلت بذلك "الجماعة" عما أعلنته على لسان مرشدها من التزام "بالإرادة الشعبية العارمة التى أعلنت عدم شرعية هذا النظام بكل رموزه ومستوياته"؟
قلنا جميل، إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء، ولا بأس من تمثيل جميع القوى الموجودة على الأرض للوصول إلى صيغة سلسة لانتقال السلطة حفاظاً على استقرار هذا البلد الأمين، ولكن ما كادت تنقضى بضع ساعات على انتهاء الحوار بالبيان الذى أعلنه نائب الرئيس، إلا وعقدت قيادات الجماعة مؤتمراً صحفياً أشبه بالتبرؤ مما اتفقوا عليه وارتضوه فى جلسة الحوار، لا لشىء إلا ليحافظوا على وجودهم الوهمى فى ميدان التحرير بين الثوار فى مرحلة المد الثورى العارم، الذين يرون كل حوار أو توافق مع النظام خيانة.
قيادات الإخوان خرجت على من تظنهم سيخوّنونها لأنها جلست للحوار مع النظام، بخطاب ملتو مؤداه أن استمرارهم فى الحوار مرتبط بتنفيذ ما تنادى به "حركة 25 يناير"، دون أن ندرى هل تحول ثوار التحرير الذين يضمون كل ألوان الطيف الاجتماعى فى مصر، إلى "حركة" على غرار حماس والجهاد مثلا؟
وواصل محمد مرسى مزايداته قائلا إن لقاء اليوم كان بداية تدشين للحوار، الذى يجب أن يتم من أجل تحقيق رغبة الشعب المصرى، موضحًا أن الجمعية العمومية للشعب منعقدة بميدان التحرير وعلى الجميع أن ينزل على مطالبه".
أى خطاب من خطابات جماعة الإخوان نصدق؟ ما يقولونه فى الغرف المغلقة، أم ما يزايدون به أمام الميكروفونات؟
فى رأيى الشخصى، لا هذا ولا ذاك.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة