لم يكن يوما يمارس أى دور سياسى، وهب حياته لتربية الأجيال، فعلم أبناءنا قيم الحق والخير، حرص كل الحرص على خدمة وطنه من خلال عمله كمدرس ثم موجه بالتعليم الابتدائى بمدينة ببا ببنى سويف، لم يلجأ للدروس الخصوصية قط، ومن أجل توفير ضرورات الحياة لزوجته وأولاده الستة، لجأ لشراء سيارة أجرة كان يعمل عليها، بعد مواعيد العمل الرسمية، مثله مثل الملايين من أبناء شعبنا المطحونين، الذين يسعون لتوفير قوت اليوم لمن يعولون، إنه صديق عمرى أشرف سالم أبن الـ43
عامًا.
ولم يعلم أشرف أن يوم 29 يناير سيكون نهاية مشواره المشرف فى هذه الحياة، حيث كان عائدًا من رحلة المعاناة اليومية من أجل توفير ضروريات أبنائه، وفى طريقه للمنزل وجد وابلاً من الرصاص يطلقه رجالات سفاح الداخلية حبيب العادلى، وعلى رأسهم رئيس البحث الجنائى بمركز ببا الرائد محمد ضبش، مما أدى إلى قتل 12 شاباً وإصابة 23 شخصًا، وعندما حاول أشرف إنقاذ أحد الشباب المصابين وجد هذا الضبش يطلق النار عليه وأصيب بطلق نارى فى رأسه، مما أرداه قتيلا فى الحال.
ومن الغريب أن ما قام به رجال العادلى الأشاوس، لم يكن بسبب مظاهرة مضادة للنظام، أو حتى ردًا على اعتداء عليهم، ولكن لتنفيذ مخطط انسحابهم من قسم الشرطة، وحرقه بعد أن صدرت لهم الأوامر بذلك، فقرروا التضحية بهؤلاء الشهداء، الذين قتلوهم بدم بارد، ويتموا أطفالهم.
وأصعب كلمات سمعتها فى حياتى، ما رددته ابنة صديقى آلاء أشرف بنت 17 عامًا التى قالت وهى منهارة " قتلوا والدى بلا ذنب، قتلوه وهو يحاول إنقاذ مصاب، قتلوه وتركوا لنا بكاء وعويل أخى سالم ابن الثلاث سنوات الذى لم يتوقف لسانه عن السؤال عن والده، قتلوه وترك لنا نارًا تحرق قلوبنا، وكراهية وبغض لهؤلاء الشياطين الذين انتزعت الرحمة من قلوبهم".
أشرف لم يكن ضحية غدر هؤلاء المجرمين وحده، بل اختلط دمه بدم 11من خيرة شباب هذه المدينة، فلم تفرق رصاصات الغدر بين رأس مينا اسطفانوس ابن الـ22 عامًا، وحاتم سعيد حسين محمد الذى كان يستعد لإتمام زواجه الذى، كان من المقرر يوم 2 فبراير الماضى.
وقد حملنى ذوو هؤلاء الشهداء أمانة توصيل، ملامح هذه الجريمة المتكاملة الأركان، للمستشار عبد المجيد محمود، النائب العام، الذى أثق أنه سيثأر لهؤلاء الأبرياء، مع العلم أن هناك فريقًا حقوقيًا يوثق هذه الجريمة بالمستندات والصوت والصورة، لتقديمها له من أجل بدء التحقيقات فيها.
ولا تدل هذه الجريمة إلا على طغيان بعض رجال الشرطة، وضربهم بكل قوانين هذا البلد عرض الحائط، وأقل واجب أن ينال هؤلاء عقاب عادل يشفى صدور ذوى الضحايا، ويكونوا عبرة لمن يعتبر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة