تسيطر على المجتمع حالة من التربص والتخوين والاتهامات المتبادلة بالعمالة والبحث عن المصالح الشخصية وأصبح ما حدث من ثورة ونجح فى اكتشاف أجمل ما فى الشخصية المصرية مهددا الآن بأن يصبح عبئا على المجتمع، لا أحد يوافق على الفساد ولا يجب التستر عليه ولكن أيضا لا أحد يوافق على الفوضى أو يدعمها فليس منطقيا أن كل من كان مسئولا فى عهد النظام السابق كان فاسدا وليس من العقل أن كل من كان يحصل على أجر مقابل عمل حقيقى هو لص، وإنما بقدر ما كان هناك فاسدون ومأجورون فإن الغالبية من المصريين فى مختلف الأماكن هم شرفاء ولكن المشكلة من وجهة نظرى هى الخلل الكبير فى طريقة التقدير المستحق لكل عمل.
فليس منطقيا أن يحصل موظف على عشرات الآلاف من الجنيهات شهريا وموظف آخر بنفس الشركة يحصل على بعض المئات، وليس من العدل أن يحصل إعلامى على عدة ملايين من الجنيهات سنويا وآخرون يحصلون على الفتات وهم يقدمون نفس العمل، والأمر نفسه بالنسبة للاعبى الكرة ورجال الاقتصاد بالتأكيد هناك فوارق مهنية ومواهب وإمكانيات بشرية ومستوى تعليم قد يتمتع به البعض ويستحق عنه راتبا كبيرا ولكن يجب أن تكون الفوارق منطقية وتضمن للجميع حياة كريمة، وأيضا ليس من الطبيعى أن كل الأغنياء أو ميسورى الحال هم فاسدون، فقد خلق الله عباده درجات ومن الطبيعى أن يكون هناك اختلاف، وأعتقد أن الوقت قد حان لتهدأ الأمور ونبدأ فى التفكير بشكل عقلانى فى كيفية وضع عقد اجتماعى جديد يقوم على احترام العمل وتأكيد حق الفرد فى الترقى وتحقيق أعلى المدخرات فى إطار من الاجتهاد والموهبة.
ويجب أن نتكاتف جميعا لأن تكون الفترة المقبلة فرصة لإعادة شحن الشخصية المصرية بالقيم والأخلاق التى أعيد اكتشافها خلال الثورة ثم بدأت تتراجع حاليا بلا مبرر وأصبح يسود بدلا منها رغبات الانتقام والتشفى، بالتأكيد مجتمعنا لن يتطور أو تختفى عيوبه فى لحظات ويحتاج الأمر لوقت، ويجب أن نكون أمناء مع أنفسنا ومع مجتمعنا وأن نطرد الفوضى حتى لا تحرقنا جميعا.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة