أنا مع الاعتذار لعبود الزمر وابن عمه طارق الزمر عن سجنهما سنوات زائدة عن مدة العقوبة المحكوم بها عليهما، ومع تعويضهما مادياً أيضاً بما يقدره القضاء لقاء مصادرة حريتهما فى سنوات الاعتقال دون حكم ، ولا أجد ضيراً فى استقبالهما بزفة بلدى فى منطقة "ناهيا" حيث يسكنان، لكن عندى بعض التساؤلات حول ما يحدث مع ولـ عبود وطارق فى وسائل الإعلام، أعتقد أنها تتصل بما نمر به الآن من مخاض لم يتشكل نتاجه بعد.
أولاً: من هما عبود وطارق الزمر؟ قياديان فى الجماعة الإسلامية المتطرفة، التى روعت المجتمع المصرى ،على مدى سنوات وارتكبت العديد من الجرائم الجنائية، وعندما اختلفت هذه الجماعة مع الدولة المصرية، خططت ونفذت جريمة قتل الرئيس السادات وكان من بين المشاركين فى الجريمة عبود وطارق.
ثانياً: هل توافق على قتل من تختلف معه فكرياً؟ هل توافق على حمل السلاح للسيطرة على المؤسسة التى تعمل بها؟ هل توافق على إطلاق النار على رئيسك لتفرض نظاماً للعمل غير ما تقره المؤسسة ورئيسها، أم تعلن رفضك بطريقة مشروعة مثل الاعتصام والتظاهر والإضراب وصولاً حتى إلى الإضراب عن الطعام، لتحقق وأنصارك أهدافكم إذا كان لكم وجود على الأرض ، مثلما فعلت ثورة 25 يناير.
عبود وطارق الزمر وافقاً على قتل المخالفين فكرياً وحكم عليهما ضمن من حكم عليهم فى جريمة اغتيال السادات ، وفى المقابل تعسف معهما نظام مبارك واحتجزهما بعد انتهاء مدة عقوبتهما، وكلا الموقفين خاطئ ويحتاج إلى مراجعة جذرية أساسها الالتزام بالقانون.
ثالثا: هل تعتبر من يتبنى القتل على الأفكار أو القتل على الاختلاف أو القتل على الهوية (أنت مسلم أم مسيحى مثلاً) بطلاً؟ أنا لا اعتبره كذلك إطلاقا، ولذلك أتعجب من القدر الهائل من التشويش الذى تمر به وسائل إعلامنا التى أفردت حيزاً كبيراً لاستعراضات عبود وطارق، ودفعت حماس الكتل الجماهيرية المتشنجة والمنساقة وراء عاطفتها إلى حد ترشيح عبود الزمر للرئاسة!.
أفهم أن يعتبر عبود وطارق نفسيهما مشاركين فى عمل كبير، ألا وهو الإطاحة بالسادات، وذلك حتى يظلا ثابتين نفسياً لأنهما لن يستطيعا أن يواجها نفسيتهما بأنهما ضيعا عمريهما فى جريمة كبرى، جريمة إطلاق نار عشوائى تصادف أنها ضد رئيس الجمهورية ومن حوله فأصبحت جريمة قتل كبرى، لكنها ليست بأى حال من الأحوال عملية بطولية، لأنها ليست مثلاً ضد مناحم بيجن مجرم حرب لبنان، أو أرييل شارون جزار صابرا وشاتيلا، أو بنيامين بن أليعازر قاتل الأسرى المصريين، فهل نفهم الآن قدر التشويش والارتباك اللذين نمر بهما فى هذه المرحلة الدقيقة من عمر الوطن؟
الواضح أننا الآن أسرى مرحلة المد السلبى للثورة أى الجانب الانفعالى فقط، أمسكنا به لأنه السهل والأجمل والأكثر إغراءً والأعلى صوتاً، دون أن نسأل أنفسنا متى نلتزم بالمد الإيجابى للثورة، الذى تجلى فى التنظيم والحرص على السلمية وتحديد الأهداف المرحلية والإصرار على النجاح خطوة بخطوة، والتشبث بالأمل وإنكار الذات لصالح المجموع وصولاً إلى هدف عظيم هو الانتقال بالوطن من مرحلة من الحكم الفاسد إلى رحابة الحكم الرشيد.
عدم وضع عبود وطارق الزمر فى حجمهما الحقيقى جزء من هذا المد السلبى ،والاعتصامات التى تستغل حالة عدم الاستقرارجزء من هذا المد السلبى ،شأنها شأن محاولات السطو على البنوك أو المنازل أو قطع الطرق السريعة لنهب المسافرين.
أدعو أن ينظر كل منا فى المرآة الآن ويسأل نفسه فى أى معسكر يقف؟ مع مستقبل هذا البلد أم مع الخراب والبلطجة؟.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة