◄◄ أتمنى أحيانا أن يختفى ميدان التحرير
لم يعد هناك وقت للانتظار، بعد أن اختلطت الأوراق وصارت البوصلة تائهة لا تستطيع أن تعمل، غابت الملامح، وتشتتت الثوابت، لأن المفردات لاتزال باهتة بعد أن كدنا ندخل النفق المظلم، خاصة أن هناك بوادر فتنة طائفية تلوح فى الأفق وتحاول أن تستبد بمشاعر المواطنين المصريين، والأزمة الأكبر أن هناك من يحاول تأجيج النار فى هذه المهزلة، ويحاولون خلط الأمور، والدخول من خلال الطائفية إلى أغراضهم، وهو ما حذرنا منه منذ سنوات... إلا أن البعض استغل نجاح ثورة 25 يناير ومع غياب الأمن، توغلوا وبثوا سمومهم فى أفكار الشباب، ويرتقبون رسم ملامح جديدة للوطن على مقاس أغراضهم.. أنا مع الثورة، ومع القضاء على الفساد، ولكنى أيضاً مع الاستقرار والعودة إلى الأمن والأمان وتمكين عجلة العمل من الاستمرار بعد أن خلفت وراءها خسائر مادية فادحة.. وتراجعا للاقتصاد القومى.. وهو ما يشير إلى أن ميدان التحرير قد تحول إلى ورطة، فهل أصبح هذا الميدان هو الذى يتحكم فى كل الأشياء..؟!.. حتى إننى فى بعض الأوقات أتمنى أن يختفى هذا الميدان.. قبل أن تلفظ مصر أنفاسها الأخيرة. أعرف أن هناك من يحاول أن يسرق الثورة، ويقضى على أغراضها.. ولكنى أعرف أيضاً أنه لم يعد هناك وقت للتبجح والاستبداد بالرأى والمطالب التى لم يعد لها معنى.. لم يعد أحد يقتنع بما يحدث، بعد أن عرف الجميع خفايا ما فجره أغلب الفضائيات والتى لاتزال تسعى لتجهيل الحقائق وتغييب الجماهير، حتى أصبح اللاوعى والبحث عن البطولات الزائفة والعنتريات والمظهريات، هى مفردات هؤلاء الساعين نحو التدمير.. وليس البناء.. يتحدثون فى كل شىء وكأنهم عارفون ببواطن الأمور، وهم فى النهاية يشكلون الخطر الأعظم الذى يشعل كل شىء ولا يتركه إلا رماداً.. بدءا بالأحداث الصغيرة، وصولاً إلى الطائفية، كل هذا يجعلنا فى حاجة ملحة إلى أن نستيقظ من غفوتنا وأن نراجع أنفسنا، أقول لشباب مصر.. أفيقوا فنحن نقضى على أنفسنا.. بأنفسنا، فالخطر يحيطنا من كل جانب والمتربصون بنا لا يهمهم سوى شىء واحد هو أن نعود إلى نقطة الصفر، لأن التحديات كبيرة.. والإعلام ليس بحجم المسؤولية، وهناك فساد فى الكلمة عند كثيرين، ولأن الكاتب هو نبض المجتمع ونبض الشارع وعقل الجماهير، فإن الواجب هو أن يستيقظ هذا الضمير ليمتد إلى كل مناحى الحياة ويصنع مناخاً صحياً من الفكر الحر المنطلق بلا عوائق. لابد أن يتكاتف جميع الكتاب فهم منارة الاستنارة لتوجيه الرأى العام.. وأين المثقفون من المشهد المصرى الراهن؟.. أنا لا أرى هؤلاء المثقفين، ومن الطبيعى أن يكون دورهم الرائد هو الذى ينير للناس.. وأن يقودوا الناس إلى آراء سديدة، هناك تخبط إعلامى بكل معانى الكلمة، بل إن كثيرا من أشكال الصحافة استسلم لفساد الكلمة.. يجب أن نعى أن المرحلة الخطيرة التى نعيشها مهددة بما هو أسوأ حيث انتشر بالفعل ترويع الناس والبيوت وأصبح الخوف هو القاسم المشترك الأعظم لخريطة المجتمع المصرى.. أخشى على دخول المجتمع المصرى فى ثورة جياع وأخشى أن يصبح العنف هو الوضع العادى السائد فى الشارع المصرى.. وأن تكون البلطجة هى الوسيلة الأسرع نحو الوصول إلى أى هدف.. لقد وصلنا إلى طريق مسدود.. لابد من حسم وفعل وانطلاق حتى لا نعود إلى الوراء كثيراً.. يجب على جموع الشعب وليس فقط ميدان التحرير أن يعود إلى العقل والوعى بعد أن سيطر علينا الاكتئاب وعدم الطمأنينة.. مصر تلفظ أنفاسها.. وأخشى أن نصل إلى مرحلة نصبح فيها «صومال» أخرى أو «عراق» أخرى.. مصر تلفظ أنفساها الأخيرة.. وليس أمامنا سوى العمل وتفعيل الثورة التى يجب أن ننقذها من المتربصين بها.. لأنها الأمل الوحيد الذى يمكن أن نصعد من خلاله إلى مستقبل أكثر صدقاً بعيداً عن الكذب والتجميل.. ومن الخطر أن نستسلم للتحديات التى تترصدنا من أكثر من جهة.. والتى تحاول أن تصل بمصر إلى حرب أهلية..!!
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة