الوقت ما زال مبكرا لتأييد هذا المرشح أو ذاك للرئاسة، وما زال من يطرحون أنفسهم فى دور التسخين لم يقدموا ما يقنع هذا أو ذاك، وعلينا أن نعترف بأن علينا أن نقرأ جيدا ونختبر كل هؤلاء، فلا يكفى أن يطلق مرشح تصريحا تليفزيونيا أو صحفيا أو"تويترة"، ليحصل على الرضا والهتاف، لكن لفت نظرى أن الدكتور محمد البرادعى وهو أكثر المرشحين الذين تم عمل زفة لهم من ناس لا نشك فى عقلهم النقدى. يرون أن البرادعى هو أنسب المرشحين، لأنه ذو صفات جيدة، مع أن أحدا لم يختبر الرجل حتى الآن. ولم يتجاوز نشاطه تصريحات تليفزيونية وتويترات. وما أن بدا الناس يتعرفوا عليه حتى عاد إلى عادته الأثيرة.
فقد ترك مصر إلى الهند مساء الأربعاء وسوف يعود مساء السبت يعنى لن يشارك فى الاستفتاء، طبعا هو أعلن أنه يرفض التعديلات ويرى أن التصويت بنعم يأتى ببرلمان لا يضم الثوار، ومعه فى الرفض كثيرون أنا أحدهم، لكن كل الرافضين يفترض أن يبقوا للتصويت، ولو شعر كل الرافضين بـ"القمصة" وذهبوا إلى الهند لن يوجد من يصوت بلا.
ولهذا كان الطبيعى أن يبقى المرشح المحتمل فى مصر ليدلى بصوته، لأنه صوته مهم ولأن "من ينسى الذهاب إلى صندوق الانتخابات لا يستحق العيش فى بلد ديموقراطى"، وعدم الإدلاء بالصوت نوع من الاستهتار، لكن الملاحظ أن الدكتور البرادعى لا يطيق البقاء فى مصر، وكان مسافراًَ فى كل الأوقات وجاء ليحضر الثورة، وطالت مدة بقائه لشهر أو أكثر، وهو مختفٍ يجلس ليطلق "تويترات"، ربما كانت تحمل شكلا جديدا لكنها لا تكفى، وينتظر أن تكون هناك انتخابات رئاسية، فهل ينوى المنافسة فيها أم أنه سوف يخذل معجبيه مرة أخرى. ويتركهم إلى الهند، ربما ذهب للاستعانة بأفلام اميتاب باتشان لمواجهة التعديلات. أو ربما اعتقد أنه فعل ما عليه بعد أن سجل كليب الرفض، وحتى لو كان راح ليستورد لنا تجربة هندية فمن الممكن فعل ذلك فى وقت آخر.
لكن ننتظر تنظيرات وتبريرات تشرح لنا عن الحكمة المبتغاة وراء سفر النجم المنتظر الذى كاريزمته فى أنه بلا كاريزما، وأنا شخصيا أفضل المرشح بدون كاريزما، بشرط أن يبقى ويظل بين شعبه ومؤيديه.
سرحت كثيرا فى السبب وراء سفر البرادعى ربما كان ذاهبا ليأخذ الإلهام من غاندى مع أن مصر تحتاج، ربما إلى نهرو الذى بنى تجربة الهند الديمقراطية.
سوف يخرج منظرو حملة البرادعى ليقولوا إنها سافر لحكمة، وأن سفره من أجل العمل المنتظر وربما يطلق تويتراته على محبيه مثلما تطلق الناس الورود على المعجبين. هؤلاء الذين يسعون بكل السبل لصناعة نجم هو نفسه يتدلل ويتركهم كل مرة ويسافر ليعود ويجدهم فى انتظاره معجبين متدلهين يغفرون له، مع أن بعضهم لا يتسامح مع أفعال أقل كثيراً من أفعال نجمهم المفضل. بل إنه يسارعون باتهام أى شخص ينتقد النجم بأنه مدفوع، ويستهدف الرجل الذى يستهدف نفسه أكثر من أى شخص.
والبرادعى رجل له معجبون، وإن كان لم تظهر له "أمارة" فهو جاء على الجاهز ورشحه الإعلام أولا، وينتظر منه أن يقول أو يتحرك فى مؤتمرات، أو على الأقل يدرس، كما هى السياسة، بدائل وتكتيكات ، لكن ربما نرى أحدهم وقد خرج ليؤكد أن البرادعى رجل بلا تكتيك، ونحن لا نحب التكتيك، ولا نحتاجه، وبلا سياسة ولا نريد السياسة، لأنها حاجة جديدة، سوف نخترع العجلة والسياسة والدولة والانتخابات كأنها لم تكن.
ما يزال البرادعى رجل يريد أن يحمل ليوضع على كرسى الرئاسة بلا مذاكرة ولا مجهود، ولو عرضت عليه سفرية إلى أى مكان سوف يقبل طالما يجد دائما معجبين يكتفون منه بـ "تويترة" كل مدة.