الأمس 19 مارس يستحق أن يكون عيداً للمصريين، نطلق عليه عيد المشاركة والديمقراطية، فلأول مرة تشهد الأغلبية العظمى من المواطنين استفتاءً حقيقياً ترتبط نتيجته باختياراتهم وإرادتهم الحرة، ولذلك خرجوا بالملايين وكلهم حرص على المشاركة، نعم كان هناك انقسام بين "لا" و"نعم"، لكن ذلك هو طبيعة الأمور، فلابد أن يكون هناك معارضون يقابلهم مؤيدون، بعد أن انقضت إلى غير رجعة عهود التصويت بـ99.9%.
ما حدث بالأمس أهديه إلى السياسيين القاصرين من أصحاب المقولات الكاذبة المغرضة عن الشعب المصرى، وأخص بالذكر السيد أحمد نظيف رئيس حكومة مبارك، الذى كان وغيره من رجال هذا العهد يتشدقون فى المحافل الدولية بالكلام المسىء عن المصريين، زاعمين أننا شعب لم ننضج بعد، ولا نفهم ثقافة الديمقراطية!
مزاعم الخواجة نظيف وأشباهه، فضلاً عن قصورها وغبائها كانت تضع الشعب المصرى فى خانة واحدة مع قبائل الكيتشى مايا، والزولو والبشارية مع احترامنا الكامل لحقها الإنسانى فى الانعزال عن المجتمعات المتمدنة، أى أننا مازلنا فى الطور البدائى الذى لا يليق به إلا سيطرة أشباه الزعماء وحكم الطغاة ونهب المفسدين، لذلك أهدى إليه صورة الشعب المصرى العريق الذى خرج بكل أطيافه شباباً وشيوخاً، رجالاً ونساءً ليشارك عندما تأكد أن مشاركته حقيقية وليست مزيفة بفعل فاعل.
ما حدث بالأمس، كان احتفالاً من شعب عريق بممارسة الحرية المنتزعة من الطغاة، بالمشاركة التى هى جزء من مواطنة كل فرد فينا، ولذلك وجدنا الناس يقفون فى طوابير بطول آلاف الأمتار دون تذمر أو تشاجر أو تسابق على الخروج عن الصف أو تجاوز الدور، على العكس من ذلك كانت روح التعاون والتفهم هى الغالبة على معظم اللجان التى كانت مزدحمة فى عرس الديمقراطية.
رأيت بعينى شباباً يساعدون عجائز وشيوخاً بتوضيح كيفية الإدلاء بأصواتهم، ويبدو أنها كانت المرة الأولى التى يمارسون فيها حقهم على مدى أعمارهم المديدة، ورأيت أقباطاً يقدمون المناديل المعطرة لإخوانهم المسلمين يمسحوا عن أصابعهم تاج الحبر الفسفورى، ورأيت الابتسامة على كل الشفاه، وفى كل العيون لأنها خارجة من القلوب.
قد يقول البعض إن هناك تجاوزات من قبيل وجود قضاة لم يصلوا إلى مقار بعض اللجان أو إن هناك من كان يروج لتوجهاته السياسية خارج أماكن التصويت، أو إن الستائر الداكنة لم تكن متوافرة فى كل لجنة.. نعم مثل هذه الملاحظات وقعت، ومن المتوقع وجودها بين 54 ألف لجنة، ولكنها نسبة لم تكن أبداً غالبة أو ملحوظة، وإنما كانت هى الاستثناء الذى لا يهدد إطلاقاً عملية الاستفتاء التى تمت فى ظروف استثنائية، ورغم ذلك تصدى لها المصريون ليعملوا على نجاح التجربة بامتياز.
مبروك للشعب المصرى ولا عزاء للطغاة والخواجات وعواجيز الفرح.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة