انزل بعينك إلى منتصف هذا العمود الممتلئ بالسطور والكلام وقف عند الصورة وتأملها، ثم ارجع تانى هنا بسرعة..
حمد لله على السلامة ياعزيزى.. هل ابتسمت أم ارتعشت خصلات الشعر فى جسدك بسبب تلك القشعريرة التى احتلت روحك؟
إنه الفخر يا سيدى ذلك الإحساس الذى لم نعرف له طعما منذ زمن، عد إلى الصورة مرة أخرى واغرق روحك بالمزيد منه، فهل كنت تتخيل يوما أن يخرج مواطن أمريكى فى مظاهرة لينادى على رفاقه أن يقاتلوا من أجل حقوقهم مثل المصريين؟ هل كنت تتخيل يوما أن تتحدث وسائل الإعلام العالمية عن نسب المشاركة فى الاستفتاء وكأنها تتحدث عن ظهور كائنات فضائية فى منطقة الشرق الأوسط؟
افرح بنفسك حتى ولو كنت من أهل "لا"، افرح بأن نسبة مشاركة المصريين فى أول ممارسة ديمقراطية حقيقية قاربت الـ 50% رغم مشاكل اللجان والاستعدادات بينما أمريكا بجلالة قدرها احتفلت فى 2008 بأنها تجاوزت الـ60%.
طعم الهزيمة ليس مرا، ولم أجد أى صعوبة فى ابتلاع ذلك الفارق الواضح بين نسبة "نعم" ونسبة "لا"، هكذا كنا نريد ونحلم حينما يشتد الخلاف.. أن يأتى القضاة بصندوق شفاف تكون له كلمة الحسم، هكذا كنا نريد ونحلم أن تكون الديمقراطية هى الضيف الثالث حينما يجتمع المواطن بالصندوق على انفراد بعد عقود طويلة ظل فيها التزوير هو ثالثنا حينما كنا نجتمع بالصندوق على على انفراد.
احتفل بأول طلعة ديمقراطية لأنها ستفتح باب الحرية، ولا تضخم من حجم الإخوان والجماعات الإسلامية، فقط اعترف أنهم كانوا أكثر تنظيما وأكثر إصرارا على الفوز بغض النظر عن ما تم استخدامه من سلاح، لا تنسب نسبة "نعم" المرتفعة إلى التيار الإسلامى، لأن هناك أغلبية صامتة تدفع النخبة المثقفة وأهل اليسار والتيار الليبرالى الآن ثمن تجاهلها وعدم الوصول إليها والاستحواذ على ثقتها.
لا تسقط فى فخ الاستهتار وتتهم من قالوا "نعم" بالجهل وقلة الثقافة، ضع اللوم فوق رأسك أولا ياعزيزى، أين كنت أنت والإخوان والسلفيون يجوبون الشوارع انتصارا لفكرتهم ونشرا لها، لا تتكبر ولا تتفذلك وتقول بأن الشعب الذى اعتاد أن يقول "نعم" لن يتغير بسهولة، ولا تتحول إلى نسخة من النظام السابق وتقول بأن الأغلبية التى فازت بـ77% غير ناضجة ديمقراطية وخضعت لنداء الدين، لا تفعل ذلك أيها الثورى المتحمس والليبرالى المثقف إلا بعد أن تعرف أين كنت أولا طوال السنوات التى كان فيها الإخوان والسلفيون ينتشرون فى الشوارع ويلعبون على فطرة المصريين بوتر الدين.
من حق الإخوان والتيار السلفى عموما أن يحتفلوا بفوزهم على الكفار والمسيحيين والعلمانيين الفسقة، كما وصفت بياناتهم ومنشوراتهم أهل "لا" قبل الاستفتاء بأيام وكما ذكرت ألسنتهم أمام لجان الاستفتاء يوم 19 مارس، ولا تصرخ وتقول بأنهم استغلوا الدين، لأن ذلك مبرر خائب لمن لم يجد فى يده سلاح قادر على استخدامه، ولأنك تعلم قبل السلفيين والإخوان أن الدين سيظل سلاحا تستخدمه قوى ضد الأخرى كما يحدث فى الانتخابات الأمريكية كل مرة ، وكما كان يحدث منذ خلق الله الأرض ومن عليها.
مصر فى حاجة إلى قوة جديدة، فى حاجة إلى بعث الروح فى جسد التيار الليبرالى الميت، والتيار اليسارى العاجز حتى تتوازن كفة الأمور وتتقارب النسب، وتدور لعبة الديمقراطية بطريقتها الأمثل، مصر فى حاجة إلى أحزاب قوية لا تنشغل بالصراع على الكرسى وحركات سياسية مخلصة لا يشغلها توزيع تورتة التمويل عن النزول إلى الشارع، والمشاركة فى إعادة صياغة وعى الناس حتى لا يصبحوا صيدا سهلا لأى لحية على منبر أو أى قلم مشكوك فى مصادر حبره.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة