لا أجد تفسيراً لما حدث مساء أمس فى ميدان التحرير من تظاهر عشرات المواطنين احتجاجاً على ما جاءت بـه نتيجة الاستفتاء على التعديلات الدستورية وموافقة 77.2% واقتصار نسبة الرافضين على 22.8%، ألم يكن صندوق الانتخابات النزيه المقرون بإشراف قضائى كامل هو أحد أحلامنا العزيزة التى وقف دون تحقيقها نظام قمعى وأجهزة أمنية تحترف التزوير والتقفيل وإبعاد المواطنين عن المشاركة؟!
ألم يكن إبداء الرأى بحرية مع إطلاق حرية المشاركة دون قيود ببطاقة الرقم القومى مطلباً ملحاً مقروناً بالتزام غير مكتوب منا بقبول ما تأتلف عليه إرادتنا جميعاً؟
إذن ما الذى حدث؟ ولماذا يسارع البعض إلى إفساد فرحتنا بأول استفتاء حقيقى تشهده مصر بممارسة أساليب البلطجة المقيتة ومحاولة فرض آرائهم وانحيازاتهم الخاصة على اختيار الأغلبية!
لقد بذلت مجهوداً كبيراً بالكتابة والشرح والإقناع بهدف حث أكبر عدد من معارضى وزملائى وجيرانى للتصويت بالرفض للتعديلات الدستورية وأدليت بصوتى الرافض أنا وأسرتى سعداء بنسبة المشاركة العالية، فرحين باستيقاظ المجتمع المصرى وعودته للمشاركة، وكانت حجتنا فى ذلك أننا نريد دستوراً كاملاً جديداً لأن الدستور السابق (دستور 1971) سقط بسقوط النظام، ولا توجد ذريعة لتعديل عدد من مواد هذا الدستور الساقط، وعندما ظهرت نتيجة الاستفتاء، تمنيت ومعى عدد كبير ممن صوتوا بـ "لا" أن يتم توظيف انحياز الأغلبية لمصلحة هذا الوطن، ما دام هذا هو الاختيار الغالب، لكن لم أتصور للحظة أن ينقلب هذا أو ذاك ممن عارض التعديلات معلناً احتجاجه لأن النتيجة لم تكن على هواه!
المحتجون على نتيجة التعديلات ينقصهم قدر من اليقين بأن الاختلاف رحمة وأن مصر الجديدة التى ولدت من رحم ثورة 25 يناير تحتاج الجميع ،المؤيدين للتعديلات والرافضين لها مادامت نواياهم وإرادتهم تسعى فى اتجاه مصلحة هذا الوطن وأسأل هؤلاء المحتجين: ألم يفز الرئيس الأمريكى جورج بوش الابن برئاسة أكبر دولة فى العالم بفارق أقل من 2/1% فى دورته الرئاسية الأولى ثم أجريت إعادة فرز يدوية للأصوات فى عدد من الولايات لحصر "الآلاف" التى أعطت بوش الابن وحرمت منافسه؟ ماذا لو كانت نتائج الاستفتاء أعطتنا نحن الرافضين للتعديلات 49% من الأصوات؟
الديمقراطية المنشودة والمصلحة العامة والأصول تقول بضرورة قبولنا النتائج، لا أن نمارس البلطجة لإرغام صناديق الاستفتاء على أن تكون على هوانا!