هبت كل فئات المجتمع تطالب بتحسين أوضاعها بعد الثورة، إلا الفلاح، الذى لم ينزل إلى ميدان التحرير ولم يظهر فى الفضائيات، ولم يرتب وقفة احتجاجية على«رأس الغيط»، لأنه غير مشغول بالسياسة، ولكنه يدفع طوال الوقت أخطاء السياسيين، ومضطر للعمل أكثر من اللازم ليسدد الأقساط ويربى أولاده كما ينبغى، يتحدث الخبراء نيابة عنه، وهو هناك يقوم بدوره التاريخى والمقدس الأقرب إلى روح المتصوفة، وهدفه جعل الحياة خضراء، رغم استعباد بنك الائتمان الزراعى له، رغم زيادة أسعار المبيدات والأسمدة والتقاوى بصورة فلكية، رغم غياب الرعاية الصحية، وقلة مياه الرى، وكأنه أجير عند الشعب كله، الفلاحون فى مصر يعيشون أياما عصيبة، ويريدون حقهم من الجميع، ولا يكفى أن يتحدث الباحثون المخلصون عنهم فى القاعات الضيقة، نريد أن يضعهم السياسيون الجدد قبل غيرهم، وألا يفكر أحد أنه يتفضل عليهم، وأن ينظر إليهم رئيس الوزراء على أنهم يمثلون مصر الحقيقية، القديمة، الجديدة، الحزينة، الخلاقة، الزاهية، التى لا «تأخذ بالصوت العالى».
الزفة التى تم استقبال عبود الزمر بها فى الإعلام، أصابت كثيرين (أنا منهم) بالذعر، ليس خوفا من تنظيم الجهاد، ولا من طريقة الابتزاز التى يفرضها رجال الدين (وهو ليس رجل دين)، ولكن من الإحساس بالزهو والتعالى وامتلاك اليقين كاملا، وأن ما يعتقد به هو الصواب، الزمر يحق له مقاضاة من أبقوه فى السجن بعد انتهاء مدة عقوبته، وسنكون معه فى المحكمة لمؤازرته، ولكننا لن ننسى أنه كان خارجا على القانون، لأنه حرض على القتل، أى قرر التخلص من شخص (أيا كان اسمه) خلقه الله الذى يحيى ويميت، وأن الله هو صاحب القرار وليس أحدا غيره، كان طموح الثورة وشعارها بعيدا عن هذا العبث، الذى يديره إعلام عشوائى، يديره أشخاص عشوائيون، مفتونون بفكرة السبق الصحفى السطحى، الذى سيأخذ المجتمع إلى «خرابة» روحية لن تقدر ثورات الدنيا على إزاحتها.
الإخوان اتهموا رافضى التعديلات الدستورية بالتدليس وتلقى تمويل أمريكى، وأن هناك حملة مشبوهة للترويج لرفض التعديلات، ولكن التعليقات دفعت القائمين على موقع الإخوان إلى حذفه (القائمين الذين يفهمون فى التكنولوجيا)، واعتذر المرشد، وبقيت المشكلة، تخلص شعب، قدم شهداء، من الحزب الوطنى وطريقة تفكيره، ليجىء مكفراتية ومخوناتية ليجلسوا مكانه، كنا نظن أن الثورة فعلت شيئا عظيما فى الجماعة، سيغير من نظرتها تجاه المستقبل والآخرين الذين يشاركونهم البلد، ولكن يبدو أن دعاة «نعم» فى الاستفتاء الغامض اتفقوا ... «على شىء آخر».
أحب فضيلة شيخ الأزهر أحمد الطيب، وأصدقه، ولكنى لا أعرف كيف تسلل دعاة الفتنة واحتكار الحقيقة إلى منابر مصر المحروسة، هل ذهب الأزهر إلى إعارة خارجية، وترك مواقعه لرموز البلاد الصحراوية التى ذهبوا إليها؟! > >