كشفت الثورات التى تعيشها الدول العربية عن عنصرية حزب الله اللبنانى، وأنه نسخة طبق الأصل من الأحزاب العربية الديكتاتورية من أمثال الحزب الوطنى فى مصر وحزب البعث السورى، فلم يترك حسن نصرالله زعيم حزب الله حدثا فى الداخل أو الخارج إلا وقام باستغلاله بما يخدم مصالحه وأهدافه ويحقق طموحاته فقط، فمنذ اندلاع الثورة المصرية خرج عدة مرات على شاشات التلفزيون يلقن الشعوب والحكومات العربية دروساً فى فنون المقاومة والجهاد، ويؤكد على أهمية وضرورة الوحدة بين المسلمين ووحدة الأوطان لضمان نجاح الثورة، وكالعادة صفق له زبانيته من أصحاب الرايات السوداء، لكن عندما جاء الحديث عن الإرهاب والقمع والقتل الذى تمارسه السلطات الإيرانية على زعماء المعارضة فى طهران ووضعهم فى الإقامة الجبرية لمجرد مطالبتهم بالحرية أصبحوا ملعونين مطرودين من رحمة السلطات الإيرانية وحزب الله، بل تم تلفيق التهم المتعددة لهم فى مقدمتها تنفيذ أجندة صهيونية فى الأراضى الفارسية وغيرها من التهم التى كان يبدع فيها الحزب الوطنى وأمثاله من الأحزاب العربية.
لم يتفوه حسن نصرالله بكلمة واحدة تجاه القمع الإيرانى لأبناء طائفته فى طهران، أو غيرها من الطوائف الأخرى فى منطقة الأهواز، فقد خرس لسانه وغض بصره وكأن ما يحدث هناك ضد أشخاص إسرائيليين يجب قتلهم وليس ضد إيرانين يطالبون بالحرية مثلما يحدث فى مصر وغيرها من الدول، ولكن مواقف حسن نصرالله كانت أشد إيلاماً لمناصريه ومريديه عندما أكد أن ما يحدث فى سوريا من قتل للمتظاهرين هو من فعل عصابات مسلحة مدعومة من الصهاينة، مدافعاً عن الحكومة السورية والسلطات الأمنية هناك متجاهلاً إقتحامها للمسجد العمرى فى درعا وقتل الناس وفبركة التهم للمعارضين على غرار ما تفعل الأحزاب الحاكمة الأخرى.
على العكس تماماً من ثورة الشعب السورى جاء موقفه من ثورة البحرين، حيث اعتبر دول الخليح والبحرين عملاء وأن النظام البحرينى لم يكن مهددا بالسقوط من فعل المظاهرات الشيعية، لذا كان يجب على النظام البحرينى ألا يفض اعتصامهم بالقوة ويتركهم يفعلون ما يريدون حتى يغيروا النظام ويعلنوا الجمهورية البحرينية الإسلامية الإيرانية، نحن لا نؤيد مطلقاً ضرب المتظاهرين فى البحرين بل ندعم حقوقهم المشروعة وخاصة أن البعض منهم مقيم هناك منذ سنوات طويلة دون أن يحصل على جواز سفر أو غيرها من الحقوق التى تثبت مواطنته الحقة وأنه شريك فى هذا الوطن، ولكن ذلك لا يسمح لحسن نصرالله أن يجعل من حزبه شرطى المنطقة يهدد دولة البحرين أو غيرها، كما جعل حسن نصرالله من حزبه دولة بديلة عن دولة لبنان تحدد العلاقات مع الدول كيفما تشاء، بل أكثر من ذلك جعل من شخصه الولى الفقيه والرسول المبعوث للبشرية، يبشر هذا بالنار وذاك بالجنة، حيث وضع النظام البحرينى فى النار، وأدخل النظام السورى فى جنات النعيم، مثلما حدث مع الشيخ محمد حسين يعقوب الذى اعتبر المصوتين فى الاستفتاء المصرى الأخير بنعم أحباب الله، بينما اعتبر من قالوا لا هم أعداء الله.
لم يتفوه حسن نصرالله بحرف يدين ما يحدث من قتل للناس فى المساجد فى سوريا، لأن النظام السورى حليف قوى ومدافع عنه على طوال الخط فى ظل تلاقى المصالح وتقارب المذاهب والأهواء.
وهكذا ظهر حسن نصرالله ورفاقه يصنفون الثورات على هواهم ومزاجهم حسب ما تقتضى المصلحة والمنفعة، ففى مصر اعتبر الثورة عملا مشرفاً، بل وصل به الحد فى وقت سابق إلى أن تدخل فى الشأن المصرى الداخلى بشكل وقح عندما دعا الجيش المصرى للقيام بانقلاب على النظام، رغم بغضنا للنظام فى ذاك الوقت، إلا أن هذه الدعوة السافرة وتصنيفه للثورات العربية على هواه أسقط حزبه فى وحل الطائفية، وأكدت مواقفه أن المسافة بينه وبين الثورات العربية مثل المسافة بين الشعوب والأحزاب الديكتاتورية.
إذا كان حزب الله يدعى أنه حزب غير عنصرى ولا طائفى وحزب عربى وإسلامى يدافع من مصالح الأمة والشعوب ووحدتها، فلماذا لم يدافع عن الوحدة اللبنانية، وينضم إلى الثورة اللبنانية التى انطلقت قبل عدة أسابيع ضد الطائفية، حيث يتجمع الكثير من الشباب أسبوعياً للمطالبة بسقوط الطائفية، والتى تعنى بطبيعة الحال سقوط فرق 8 و14 أذار وغيرها من الأرقام والأحزاب الطائفية هناك وأن يكون الحكم للأصلح، وليس لمن يملك السلاح أو المال أو الصوت العالى والدعم الخارجى.
لقد سعى حزب الله أن يركب موجة الثورات العربية بعدما أيقن الجميع أن سلاحه للدفاع عن دولة حزب الله وليس لإعادة القدس وتدمير الصهاينة كما كان يدعى مع مريديه، لقد أيقن الجميع أن القدس لن تحرر على يد أمثال هؤلاء القادة الطائفيين، وأن الأحزاب العربية بدءا من الحزب الوطنى وحزب البعث وحزب الله لا يملكون سوى فوهة المدفع وفوهة الخطابة الرنانة لتضليل الشعوب وقلب الحقائق، فما يحدث فى درعا السورية من قتل للمتظاهرين اعتبرته السلطات هناك من فعل عصابات صهيونية مسلحة، ولكنها اعترفت ضمنيا بما حدث من خلال حزمة الإصلاحات التى أعلنت عنها، وإلا لماذا تعلن هذه الإصلاحات؟ إذا كان ما حدث من فعل عصابة مسلحة مدعومة من إسرائيل كما تقول، ولكنهم أعلنوا عن هذه الإصلاحات مجبرين لا أبطال أمام الخوف من إرادة الشعب، بعد أن تأكدوا أن النظام البوليسى الذى فرضوه على الناس غير قادر على حمايتهم على مدار الأزمان.
لقد ظنت الأحزاب أن امتلاكها السلاح سيجعلها فى مصدر قوة وأن كل القضايا يمكن أن تحل بإرهاب الناس والقوة، دون أن تدرك أن إرادة الشعوب ووعيها أصبح أقوى من كل الأسلحة، وأن تراكمات الماضى وعنصرية الأحزاب الديكتاتورية وطائفيتها واهتمامها بأنصارها ومريديها فقط لم يعد له مكان فى زمن الفيس بوك والتويتر.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة