الأيام تمر، والأمل يتسرب من نفوس المصريين البسطاء العفويين، الذين خرجوا للميادين طلباً للإصلاح، والذين استبشروا خيراً ببدء التحقيقات مع عدد من رموز الحياة السياسية الفاسدة، وناهبى أموال البلد.
الأيام تمر، والأمل يقوى ويزداد فى نفوس أعتى رموز الفساد السياسى والاقتصادى ممن سودوا عيشة المصريين على مدار عقود، بعد أن اقتصرت المحاكمات على بعض دون بعض، وبعد أن تعامل المسئولون مع الجرائم المالية الصغيرة، وتركوا المتهمين بالتخطيط لسياسات النهب العام، كما تجاهلوا الاتهام الشعبى لكوادر "الوطنى" بإفساد الحياة السياسية، الأمر الذى يعنى على أرض الواقع تجاهل الإرادة الشعبية المحركة لثورة 25 يناير.
قلت من قبل، إننى أرى روح مبارك ونظامه تهيمن على سير الأمور وطريقة صنع القرار فى الفترة الانتقالية التى نعيشها، وأزيد فأقول إن استمرار روح مبارك ونظامه التى أفسدت المجتمع المصرى على مدار ثلاثة عقود، هى أخطر تحد يواجه الثورة المصرية، والعبء الذى يجب مواجهته بحسم بنفس الطريقة السلمية التى اتبعتها الثورة، من أجل دفع المسئولين للعمل بروح وإيقاع الثورة، وعدم التصرف وفق إيقاع أو من أجل خدمة النظام السابق، ومن أجل ذلك أشير للنقاط التالية:
- استمرار تجاهل توجيه الاتهام بإفساد الحياة السياسية لرموز الحزب الوطن الكبار كفيل بتهديد أى حراك سياسى مستقبلاً، بل ويسمح بعودة هذه الوجوه الكئيبة مرة أخرى إلى مسرح العمل السياسى مباشرة أو من خلال واجهات، كما هو حادث الآن وغير خافٍ على الكثيرين.
- الإصرار على محاكمة المفسدين وفق مخالفات مالية طفيفة قد يفتح الباب لتفعيل بالون الاختبار الذى أطلقه يحيى الجمل، نائب رئيس الوزراء والتى قال فيها، عن رجال الأعمال المحبوسين على ذمة قضايا فساد: "يدفعوا فلوس ويخرجوا"، مما ذكرنى بدعوات فاسدة فى عهد مبارك لبيع الآثار المصرية من أجل سداد ديون النظام الفاسد!
- الاستمرار فى تجاهل مطالب المصريين فى اجتثاث النظام السابق وقواعده فى المحليات وقيادات المحافظات والمؤسسات الهامة، سيفتح الباب أمام مبادرات فئوية وطائفية تعمد إلى فرض قانونها وإرادتها على الدولة والمجتمع، بما فى ذلك من ضرر بالغ على المرحلة الانتقالية وما بعدها.
- التسويف فى التحقيق مع مبارك وعائلته، تمهيداً لمحاكمتهم محاكمة عادلة قد يضع أول لبنة فاصلة بين القوات المسلحة التى نعتز بها جميعاً ونحترم وقفتها إلى جانب الشعب، وبين المصريين المطالبين بحساب عادل لكل من أخطأ فى حق هذا البلد.
وإذا كان بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة الأخير يدعو المصريين إلى عدم تصديق الشائعات التى تثير البلبلة وتخدم أعداء الثورة، فإن البطء فى اتخاذ القرارات الحاسمة،يعنى فتح الباب أمام رسوخ الشائعات وتحولها إلى حقائق على الأرض، كما يعنى التخلى عن روح ثورة 25 يناير، ويصب فى دعم أعدائها والمتربصين بها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة