لقد اكتشفنا وبعض الاكتشافات ليس إثما، أن ترزية القوانين والدساتير فى النظام السابق، كانوا شجعانا وفرسانا، وأن من كنا نظنهم كبار المنافقين والمطبلين والراقصين فى حلبات سيد قراره، كانوا يواصلون الليل بالنهار فى التحذير تلو التحذير، من التلاعب والتزوير. ومن لا يصدق عليه أن يطلع على شهادة الدكتور فتحى سرور التى سجلها فى حديث شاسع، قدم فيه نفسه، بصفته أحد المدافعين عن الشرعية الدستورية، والدستورية المهلبية. وإننا كنا نفهمه غلط، عندما كنا نعتبره ترزيا، مع إننا كنا نظلم الترزية الذين كانوا يفصلون بدلا، بينما السادة المنافقون كانوا يخيطون وطنا.
وبعد أن كان الرئيس السابق حسنى مبارك هو «المحذر العام»، اكتشفنا عددا وافرا من كبار المحذرين، فى نظامه السابق، حذروه ولم يستمع، ونصحوه ولم ينتصح. فقد كان الرئيس السابق مولعا بلعب دور المحذر العام، وهو لقب وصفت به مبارك صحيفة العربى أيام حرب الخليج.
مبارك كان كلما وقعت مشكلة يخرج فى خطاباته وتصريحاته ليقول إنه حذر فلانا. عندما اجتاح صدام حسين الكويت ظل مبارك يردد «أنا حذرته». وبعد غزو أمريكا بوش للعراق خرج مبارك ليعلن أنه حذر صدام وطالبه بإعلان ما عنده من أسلحة دمار شامل، وبعد الغزو اتضح أن العراق لم يكن يمتلك أسلحة دمار، وأن بوش واليمين الأمريكى استندوا لمعلومات يعلمون أنها خاطئة. فأعلنوا أنهم غزوا العراق من أجل الديمقراطية، وتورطت القوات الأمريكية، لم تتحقق الديمقراطية وتساقط العراقيون فى حرب أهلية وطائفية. يومها خرج مبارك ليعلن «أنه حذر بوش» من خطر غزو العراق. مبارك كان محترفا لفكرة يومها وصفته أنه «المحذر العام».
لعبة التحذير انتقلت من مبارك لرجاله السابقين، الذين خرجوا بعد سقوطه ليخلعوا رداء النفاق والهزهزة، ويرتدوا لباس التحذير والعقل. اكتشفنا أن كل ترزية الدساتير والقوانين لم يكونوا منافقين ولا مطبلين ورقاصين، وإنما كانوا كلهم يمتلكون من الشجاعة والنصاعة ما يكفى ويفيض.
فقد طلع الدكتور سرور علينا فى حديث شاسع بالمصرى اليوم، ليشرح لها عن حالاته، ويقدم تاريخه النضالى ضد النظام الغاشم، وقال إنه حذر الرئيس السابق من مغبة تزوير الانتخابات. وقال وبراءة رؤساء مجلس الشعب فى عينيه، إنه كان ينبههم يقصد رجالات الحزب الوطنى من مغبة التزوير. وكان يقول لهم ما يصحش. وإذا كان المتحدث سرور فالمستمع زغلول، ومازلنا نتذكر تصريحات مسجلة للدكتور فتحى يوم 26 يناير، وهو يؤكد أن أعضاء مجلس الشعب المتزورين من شرفاء الناس. ونسى الدكتور «تحذير« أنه هو صاحب براءة اختراع مبدأ سيد قراره من مقابر الإمام الدستورى، وجعله أهم أدوات منح المزورين مشروعية.
كما كان رئيسا لبرلمان ارتكب جرائم ضد الدستور والقانون فى تعديلات المادة 76 وتعديل التعديل. ويومها كتبت معتبرا سيد قراره وزملاءه بأنهم تجاوزوا الترزية ليصبحوا ما بعد الترزية.
سرور جعل هو وكبار ترزية القانون خبراته لخدمة التزييف والتزوير والتوريث، والآن يشتكى من أن العادلى وزير الداخلية، كان يرفض الذهاب لمجلسه ويهدده، كل هذا ولم يجد لديه من الشجاعة ليستقيل، الدكتور سرور يخرج الآن فى ثياب المحذرين ليشرح «لها» عن حالاته، ويغسل نفسه من وعثاء السفر.
سرور لم يكن وحده الذى خرج ليعلن أنه «حذرهم»، بل رأينا أحمد عز قبل السجن وهو يقول إنه حذر، وطبعا الدكتور شهاب «حذرهم». وقبلهم الدكتور مصطفى الفقى. لنكتشف أنهم كلهم حذروهم، ولا يبقى سوى أن نستمع لشهادة الابن البار الأستاذ جمال مبارك ليقول إنه حذرهم ومبارك هو الآخر وقد حذرهم، لنكتشف أنهم كانوا مع الديمقراطية والثورة وضد الديكتاتورية. ولن نعرف من الذى تلقى التحذير ولا من زورها وخربها. وكان يجلس على تلها. > >
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة