الفساد داخل مبنى الإذاعة والتليفزيون يعيش ويكبر وينمو منذ سنوات حتى صار العاملون مع الوقت يتعاملون معه وكأنه شيئا طبيعيا، أصبح جزءا من نسيج المبنى العتيق، ومن اعتاد زيارة مبنى ماسبيرو فى الأيام الأخيرة يسمع كل لحظة قصصا عن الفساد والملايين المهدرة، وكأن هذا المبنى كان يقع فى دولة أخرى، وانتقل للإقامة فى مصر بعد ثورة يناير، بينما المتابع والراصد لما حدث عبر سنوات داخل هذا المبنى هو عملية إفساد منظم وممنهج جعلت الكثيرين من صغار الموظفين فى المجالات المختلفة شركاء بدون قصد فيما حدث وما وصل إليه الحال، واللافت هى بعض المقالات من عدد الكتاب يقومون حاليا بالدفاع عن المهندس أسامة الشيخ ومحاولة الخلط بين نجاحه فى عمله فى المحطات الخاصة التى عمل بها وتصوير ما حدث فى عهده داخل التليفزيون أنه استمرار لهذا النجاح وكأننا لا نرى النتيجة.
وأكثر ما استفزنى هو أحد المقالات التى أكدت على نجاح المهندس أسامة الشيخ فى خلق شعار كله حصرى على التليفزيون المصرى، وقد فات على من يكتبون أن هذا الشعار ورط التليفزيون فى خسائر مالية تصل إلى 200 مليون جنيه فى المشاركة فى إنتاج أعمال درامية لا علاقة لخطط التسويق العملية بها، وسوء اختيار واضح للكثير من القيادات التى أهدرت ملايين أخرى فى برامج لم تحقق عائدا فنيا أو ماليا.
وفعليا لم يتحقق هذا الشعار الذى نادى به، وأرجو من كل من كان يحب الرجل ويحترمه أن يكون موضوعيا ويقول إنه أصاب عندما كان خارج المبنى ولكنه أخطأ أثناء إدارته لدولة ماسبيرو، ومنذ تكليف ممثل للقوات المسلحة بإدارة الاتحاد والتى استمرت لأيام قليلة حاول أن يعقد اجتماعات مع كل العاملين وفق جدول منظم ليستمع للشكاوى ويرصد المخالفات وهو بالتأكيد لم يكن يتوقع أن تكون الأوضاع بهذا القدر من السوء، وحسنا فعل المجلس العسكرى بإسناد المسئولية إلى شخص من خارج القوات المسلحة لأن هذا الملف شائك ويحتاج لوقت كبير.
وما أطالب به الدكتور سامى الشريف وهو أكاديمى معروف أن يعمل خلال الفترة المقبلة بكل قوة على تطهير المبنى من كل من له أى علاقة بالفساد السابق بكل أشكاله لأن بقاء أى شخص استفاد بما لا يستحق سيقضى على أى أمل فى الإصلاح، مع ضرورة وضع قواعد عادلة وصارمة توضح آلية الاختيار لأى منصب مهما كان صغيرا، والتأكيد على عدم الجمع بين منصبين لأى شخص مهما كانت موهبته، والعمل بأسرع وقت على إعادة الكوادر المهنية الموهوبة التى طارت من المبنى وتفرقت على الفضائيات المختلفة بسبب المناخ الفاسد والطارد لكل المواهب مع أهمية إعادة تأهيل العاملين نفسيا للتعايش مع الواقع الحالى.
وأرجو أن تكون الخطوة التالية هى الدعوة لمؤتمر موسع لمناقشة مستقبل مبنى التليفزيون وهل يمكن أن تبقى كل هذه القنوات التليفزيونية والإذاعية بهذا الشكل وهذا الكم من العمالة، وهل من الأفضل أن يتحول التليفزيون لجهاز يهدف للربح أم يكفى أن يصبح جهازا لنشر الوعى، بالتأكيد المهمة صعبة ومرهقة وتحتاج لوقت طويل ونية صادقه، ولكن المهم أن نبدأ من الآن حتى لا تضيع آخر فرصه.
عدد الردود 0
بواسطة:
د/ عباس عبد الحى السيد
تجاهل المطربة المتميزة /شهرزاد