نحن فى وقت ينبغى فيه الحفاظ على انجازات الثورة فإذا كنا قد حققنا الحرية كاملة فيجب علينا الآن أن نكمل مسيرة الحرية بثورة أخرى للتنمية واستعادة روح مصر الحضارية وعودة نشاط الاقتصاد المصرى لطبيعته وهنا أنصح بضرورة الحذر ممن يجرفنا بعيدا عن هذا المسار لينقض على الثورة بالفقر والجوع.
وماذا بعد؟ سؤال يتردد على ألسنة وعقول وقلوب المصريين، هذه الأيام.. بعد أن أحس الجميع أننا فى مفترق الطرق.. وأن الوضع أصبح فى مأزق، وأننا فى منعطف تاريخى حرج، كل الناس تريد أن تستقر، وأن تطمئن، وأن تهبط فوق بر الأمان، هذا الخواء الحضارى الذى تعيشه مصر فى هذه الفترة الزمنية.. يشير إلى كثير من القلق، ويسحب معه مجموعة من الاستفهامات بلا إجابات واضحة، بعد أن طغت الضبابية على كل شىء واستبد الغموض.. ماذا يحدث فى مصر الآن؟ نحن اليوم فى قمة التخبط.. وقد فاتنا الكثير من مظاهر التحضر وضاعت فرص كثيرة أيضا فى استكمال أعمالنا، بعد أن توقف أغلب المصالح والشركات والبنوك والبورصة أسابيع كثيرة، كان من شأنها إضاعة الوقت والجهد والمال. اليوم من حقنا أن نبدأ الحياة من جديد، وأن يعيش الشعب حياته الطبيعية بعيدا عن عقم القرارات.. نحن فى حالة افتقار لأمور كثيرة ضاعت منا، أو تاهت فى زحمة الأحداث، وانفعال التظاهرات والاحتجاجات التى أحس الشعب معها، أن الوطن يسلب منه يوميا.. بلا عائد وبدون مقابل.. ولكن ما هكذا نتعامل مع الثوابت، إنها قضية وطن، يريد أن يستقر بعيدا عن تصفية الحسابات، ووضع الناس فى قوالب وجداول وملفات وقوائم.. الوطن يحتاج منا إلى مزيد من العمل والجهد.. بعد أن تغيبنا كثيرا عن ساحة التطوير والتجويد.. لابد أن نتحرك سريعا حتى لا نطفئ الشمس، ولا نجد ضوءًا يعطى الحياة لنا، إننا فى أمس الحاجة إلى فجر وليد جديد، يعيد لنا الثقة والأمان، مصر مليئة بالشرفاء والمناضلين، يضعون الوطن نصب أعينهم، وعلينا حمايتهم والتشبث بتراثهم بعيدا عن التشويه، وتشتيت المسؤولية.. نحن حقا فى وضع يثير القلق نحو وطن فى ورطة.. ولا ينبئ مع هذه المؤشرات بأى خير، إلا إذا تنبه هؤلاء الشباب ورجعوا إلى أنفسهم واجتمعوا على كلمة واحدة.. لأن هذا الوضع مع استمراره سيتولد عنه مجموعة من المتاهات، كلما أفقنا من واحدة دخلنا فى الأخرى.. حتى نجد أنفسنا داخل شرنقة من الخوف وعدم المصداقية.. نعم لقد نجحت الثورة فى الخامس والعشرين من يناير على يد شباب مصر الشرفاء، واحترمنا رغبتهم فى التغيير، وفى محاسبة بعض المسؤولين المتورطين فى قضايا فساد.. ولكن من حقنا أن نتوقف فترة لنراجع أنفسنا ونرتب أوراقنا.. بعيدا عن محاولات البعض فى تقسيم الشعب إلى فئات دون معنى.. فالثورة المضادة هى فى إفقار مصر وفقدان عجلة التنمية وأنها سوف تقتل طموحات القائمين عليها.. وهى التى سوف تهدد الأمن والاستقرار.. وتدعو للفوضى الشاملة!! وإذا كان الوضع قد وصل إلى هذا المنحنى.. فإن هذا معناه أنهم يسعون إلى تمزيق وحدة الصف الواحد.. وهذه كارثة فى حد ذاتها، تضاف إلى كم من الكوارث الأخرى التى تضعنا فى أبشع اختيار.. نحن اليوم نواجه قضية انخفاض حصة المياه من خلال قرارات مؤتمر نيروبى.. وهذا القرار لم يكن سوى ضربة قاصمة، وتحد صارخ لإرادة المصريين وتاريخهم ومستقبلهم أيضا.. ولابد من تكاتف القوى الداخلية والخارجية لمواجهته، لأن هذا الخطر جاء فى موعده، ليختبر فينا جدية تعاملنا مع هذه الأزمات.. وهل نحن جادون فى ذلك، أم أننا مجرد دعاة لثورات وإصلاحات.. دون تقديم حلول علمية واضحة، وهذه الحلول تحتاج إلى التقاط الأنفاس، والتفرغ للعمل الجاد.
ماذا بعد؟! سؤال لابد أن يوقظ فينا الحواس والقلب والعقل والضمير.. لأن الخضوع كل الوقت للمشاعر والانفعالات.. أخشى أن يحولنا إلى شعارات جوفاء ولكنها رنانة.. تشعل الناس وتجمعهم.. ولكنهم حين يتفرقون يحسون أنهم كانوا فى وهم كبير.. زرع بلا حصاد أو حصاد مر.
للمزيد من مقالات الكاتب اضغط هنا