ماذا كنتم تنتظرون من مبارك غير ما قاله على تلفزيون العربية أمس؟ كلمة تشبه خطاباته أثناء الثورة ، مراوغة متصنعة ومتأخرة كالعادة عن الحدث!
هل كنتم تنتظرون منه مثلاً اعترافاً بالخطأ واستعداداً لتسليم ما بحوزته من أموال وأصول إلى خزينة الدولة؟
هل كنتم تتوقعون منه أن يجبر ولدية وزوجته على الإعلان عن ممتلكاتهم وأرصدتهم والتنازل عنها أيضاً للخزانة العامة؟! وهل كنتم تتوقعون ألا يقدم على خطوته الحمقاء بأن تكون أولى كلماته بعد تركه منصبة لتلفزيون غير مصرى!
حقيقة الأمر ،أن ما قام به الرئيس السابق يتسق تماماً مع مجمل سياساته أثناء حكمة حكمة، فقد مارس السلطة معزولاً عن أبناء شعبة ،رغم تمسحه كثيراً بمحدودى الدخل الذين أكلوا من القمامة فى عهده غير المأسوف عليه، لكن أخطر ما جاء فى هذه الكلمة المليئة بالأخطاء والتجاوزات، كانت محاولته القفز من مربع المساءلة هو وابنيه وزوجته، على موضوع المبادرة متقدماً طوعاً بعدد من الإجراءات بما يشبه التنازل لإبراء ساحته.
يحاول الرئيس المخلوع تحديد مسار التحقيق حول تضخم ثروته وثروات ابنيه وزوجته بقوله "أوافق على أن أتقدم بأى مكاتبات أو توقيعات تمكن النائب العام بأن يطلب من وزارة الخارجية المصرية والاتصال بكافة وزارات الخارجية فى كل دول العالم للكشف عما إذا كنت أنا وزوجتى وأى من أبنائى علاء وجمال نمتلك أى أصول عقارية بشكل مباشر أو غير مباشر سواء كانت تجارية أو شخصية منذ اشتغالى بالعمل العام".
هنا يحاول الرئيس السابق تحديد أسلوب التحقيق ومسار التحرى عن ممتلكاته هو وأسرته، كما يحاول أن يتنصل من التحقيق المباشر والاستجواب له لأسرته، كما يسعى للتغطية على ما تم كشفه بالفعل عبر تقارير الرقابة الإدارية حول تضخم ثروات علاء وجمال وشركائهما، كما يسعى للمصادرة على طرق التحقيق والتحرى الأخرى التى تبحث فى وكلائه ووكلاء شركاء جمال وعلاء فى الخارج وما إذا كانت الثروات والأرصدة قد تم نقل ملكيتها على اسماء وأشخاص آخرين خلال الشهور الماضية.
ويبدو أن معلومات أكيدة قد تسربت إلى الرئيس المخلوع حول اقتراب مرحلة الحسم بشأن تجاوزاته المالية هو وأسرته واستغلالهم لنفوذهم فى التربح والإثراء وتسهيل التربح والإثراء لعديد من رجال الطغمة الفاسدة التى حكمت مصر خلال العقود الثلاثة الماضية، فما نشرته "واشنطن بوست" أمس عن رسالة منسوبة إلى النائب العام المستشار عبد المجيد محمود موجهة إلى عدة حكومات غربية، يبلغها فيها بإخفاء الرئيس السابق وأسرته أموالاً طائلة فى صورة ذهب ومقتنيات ثمينة، وكذلك اكتمال تحريات الأجهزة الرقابية حول تضخم ثروات جمال وعلاء، كلها أسباب دفعت مبارك إلى محاولة كسب تعاطف شريحة من المصريين وتوجيه التحقيقات إلى الوجهة التى يريد
أقول إن كلمة مبارك كانت بمثابة إعطاء الإشارة لعناصر الثورة المضادة بالتحرك ، ولاحظوا معى ما جرى فور الإعلان عن بث كلمة مبارك الصوتية ، بلطجية يهددون بوجود قنبلة فى مجمع محاكم مدينة نصر وإخلاء المبنى .. حريق غامض فى خيمة سوليدير بالمهندسين .. ملثمون بالأسلحة الرشاشة يسطون على عربة تنقل أموال مصلحة الجمارك ببورسعيد.. ملثمون يقتحمون محطة مترو المعادى ويسرقون الإيرادات تحت تهديد السلاح.. حريق غامض هائل بمبنى قريب من إحدى بنزينات الدقى كاد يهدد بكارثة فى حال وصول النيرات لآبار البنزينة .
هذه طائفة مختارة من حوادث كثيرة غامضة ظهرت فيها بوضوح صورة البلطجى ،العلامة المميزة للنظام السابق، أو تبدو وراءها أسباب غير معروفة تهدف فى النهاية إلى إحداث البلبلة والتوتر بين الناس وإظهار حكومة شرف ومن وراءها المجلس العسكرى بصورة غير القابضين على زمام الأمور فى البلاد!
فى اعتقادى أن مبارك لا يجب أن يتكلم إلا بإذن ولا يتحرك هو وأسرته إلا بإذن مذاع ومعلوم لجميع المواطنين، كما يجب أن يتم الإسراع فى إجراءات التحقيق معه هو وأسرته وحسم هذا الملف الأشبه "بالورم" فى جسد الوطن حتى نطوى صفحة نظام وحكم سابق ، وننتقل إلى عهد جديد .
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة