كتبت منذ أسابيع مقالا عن سعد إدريس حلاوة، ابن قرية أجهور الكبرى، التابعة لمركز طوخ قليوبية، وأول شهداء رفض التطبيع مع إسرائيل، وتم قتله برصاصات وزارة الداخلية فى عملية قادها بنفسه النبوى إسماعيل، وزير الداخلية، وتابعها الرئيس السادات شخصيًا، وكان ذلك يوم إعلان السادات بدء تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وللتذكير فإن سعد حلاوة قام باحتجاز عاملين فى الوحدة المحلية بالقرية فى القرية، وحمل معه مكبر صوت وتسجيلات للقرآن الكريم بصوت الشيخ عبد الباسط عبد الصمد، وخطب لجمال عبد الناصر وأغانى وطنية بصوت عبد الحليم حافظ، وأعلن أنه لن يفك اعتصامه إلا بعد طرد السفير الإسرائيلى من مصر، واستمر الاعتصام نحو يومين، انتهى بتصفية سعد برصاص الداخلية، وكان الحدث كله مفاجأة مدوية للرئيس السادات، لأنه كسر حديثه عن الإجماع الشعبى على خطوته نحو إسرائيل، ولهذا ركزت الآلة الإعلامية ممثلة فى الصحف الرسمية على أن سعد إدريس حلاوة مريض نفسيًا، وبالتالى فإن خطوته تعد تعبيرا عن هذا المرض، وليست تعبيرا عن موقف وطنى منه.
انقسمت التعليقات حول مقالى، وكان أكثرها ضراوة فى الهجوم على سعد تعليقًا كتبه ابن قريته محمد عبد الفتاح، وبالأمس فقط وبعد أسابيع من المقال، تلقيت رسالة من ابنة عمه هالة حفناوى حلاوة، ووالدها كان عمدة القرية وقت عملية سعد عام 1979، وتؤكد أنه تم إقالة والدها من منصبه بسبب رفضه التحدث إلى سعد فى مكبرات الصوت من أجل أن يفك اعتصامه.
تقول السيدة هالة حلاوة فى رسالتها، إن سعد لم يؤذ أحداً ولم يقم بإهانة المحتجزين ولم يطلق طلقة واحدة ضد لإصابة أحد، وتضيف أن رد الحكومة عن طريق الصحف، جاء فى وصفه بـ"المجنون"، وتضيف:" نحن نتشرف بتسميته البطل المجنون لأن من رفض التطبيع مع إسرائيل وعبر عنه فى هذا الوقت بمثل ما عبر عنه سعد كان يعنى مقاومة كبيرة لم يتوقعها أحد، ولهذا تم وصفه بالمجنون".
وتقول السيدة هالة حلاوة إن ابن عمها، هو فى الحقيقة استكمال لدور الجد الأكبر "إبراهيم حلاوة" عمدة أجهور الكبرى، الذى قال عنه عبد الرحمن الرافعى فى كتابه
"الثورة العرابية"إن كان أحد عمد القطر المصرى الذين ساندوا الثورة العرابية ووقفوا إلى جانب جيش عرابى بالخبز والتمر والمال لشراء الأسلحة، ووقعوا على عريضة مطولة تأييدًا لعرابى ثم رفعوها إلى الخديو توفيق.
وتضيف السيدة هالة حلاوة، أن ابن عمها سعد كان مثقفًا ودائم القراءة، وكان على اطلاع واسع، كونت له وجهة نظر فى الحياة، وكان يشرف على أراضى والده التى ورثها هو وأخوته ومساحتها 30 فداناً من أجود الأراضى الزراعية، وتتساءل السيدة هالة: كيف لمجنون أن يدير مثل هذه المساحة من الأرض؟
أما عن الخصال الشخصية لسعد، فتقول السيدة هالة، إنه كان يتصف بالجود والكرم والشهامة، وذلك بشهادة كل أقاربه وأصدقائه، وكان يقوم بتوزيع الثمار من التمر والجوافة وكل ما يملك على جميع الأهل والأقارب والمحتاجين، ويفعل ذلك دون أن يراه أحد، وكان يشرف على تحسين حال المسجد الذى يداوم على الصلاة فيه، ويقوم بترقيم مكان تلاوة القرآن الكريم بوضع زهرة من الزهور التى تشتهر بها القرية على الصفحة، التى توقف عندها فى القراءة، وتضيف السيدة هالة فى رسالتها، أن ابن عمها سعد كان حريصًا على صلة الرحم ومحبة الأطفال وبشوش الوجه، والأهم أنه كان صاحب وجهة نظر فى الحياة، وكان يستطيع على يسر حاله أن يعيش منصرفا عن أحوال بلده، لكنه ولأنه صاحب وجهة نظر أقدم على ما فعله وهو يعلم تمامًا أن الثمن ربما سيكون حياته كلها وهذا ماحدث بالفعل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة