طالما نتحدث عن أزمات نظام مبارك، يفترض أن نناقش عشوائية القرارات.. ومن عجائب المدهشات، التى جرت خلال السنوات الأخيرة، أن بعض الناس ناموا فى القاهرة واستيقظوا فى حلوان، وليس فى هذا أى لغز، فقد صدر قرار جمهورى عام 2008 بتقسيم محافظة القاهرة وفصل محافظة حلوان عنها، ونفس الأمر بالنسبة لأكتوبر بالنسبة للجيزة.. كل هذا فجأة وبلا أى مقدمات ولم يعرف له سبب ولا فلسفة.. وبعد تطبيقه ازدادت أحوال القاهرة وحلوان وأكتوبر والجيزة سوءا، ولم يقدم أى من السادة الوزراء أو الرؤساء أو أعضاء البرلمان أى تفسير منطقى أو حتى غير منطقى لفصل حلوان عن القاهرة وأكتوبر عن الجيزة ووضع السكان فى حيرة من أمرهم.
ويوم صدور هذا القرار تساءلنا وتساءل كثيرون عن الحكمة المخفية أو الفلسفة النائمة فى عبقرية مثل هذا القرار، وفى تفسيره قيل إن وراءه بيزنس كبيراً لوزير الإسكان أو لأحمد عز وجمال مبارك.. وتردد أن التقسيم الهدف منه التلاعب فى الدوائر الانتخابية.. واتضح أن قرار التقسيم لم يكن مدروسا ولا نابعا من أى فلسفة، لأنهم يومها نسوا أن المحكمة الدستورية العليا، كما ينص الدستور تقع فى القاهرة، فتم عمل ترقيع قانونى من ترقيعات الاختراعات واستثناء المحكمة الدستورية ونزعها من حلوان وإلحاقها بالقاهرة.
ومن عجائب غرائب القرار أن قسم دار السلام كان مكتوبًا عليه أنه يتبع مديرية أمن القاهرة، بينما يقع فى حلوان وفى حيزها.
والمدهش أن قرار نزع أكتوبر عن الجيزة هو الآخر أدى لأن تكون قرى ملتصقة بالجيزة تابعة لأكتوبر، بينما قرى أخرى تتبع حلوان.. وعلى عجل تم اختراع محافظين ومديريات أمن.. واتضح أن القرار لم يرجع لنواب هذه المحافظات ولا طرح للمناقشة.. وكان من عجائب الأمور التى تحتاج إلى التحقيق، خاصة بعد قرار حكومة الدكتور شرف بإلغاء المحافظات المخترعة فى حلوان وأكتوبر وإعادتها للقاهرة والجيزة، والإبقاء فقط على محافظة الأقصر التى كان فصلها هو الأقرب للمنطق بالرغم من أن القرار تم بعشوائية أدت لتقسيم بعض القرى بين محافظات قنا والأقصر.
نحن هنا نتذكر هذه القرارات لنراجع طريقة اتخاذ القرار فى عصر مبارك، خاصة فى السنوات العشر الأخيرة، التى كان الاعتداء فيها على القانون والدستور يتم من دون أى مراعاة لمصالح الناس ودون الرجوع إليهم، وعدم منحهم أى اعتبار كأنهم عقارات أو جماد.. وهو أسلوب يفترض أن ينتهى فى الدولة الحديثة.. وأن يراعى قرار إعادة حلوان وأكتوبر مصالح مئات الموظفين والعاملين الذين انتقلوا إلى محافظات لم تكن موجودة.. ويفترض مراعاة مصالحهم.
ولا نزال ننتظر تفسيرا لقرار فصل حلوان وأكتوبر واختراع محافظات بلا أى سبب.. غير أن الواحد ينام فى القاهرة ليصحو فى حلوان. إنها عشوائية حكومة ونظام.. ونتمنى أن يتوقف أسلوب القرارات العشوائية، وأن يشارك المواطنون فى القرارات التى تخصهم وتحدد مصائرهم.. وألا يناموا فى محافظة ليصحوا فى أخرى.