◄◄ أتمنى رفع ميدان التحرير مؤقتاً.. من الخدمة!
لم يعد هناك وقت للانتظار فالقضية تمس الوطن الذى نسعى من أجله طوال العمر.. لكى نعيد مكانته الأولى.. التى حاول البعض تبديدها، وحاول آخرون تشويه خريطتنا، حتى أصبحنا أمام العالم فى صورة مغايرة، لما نحن عليه.. لقد بدت مصر أقل كثيرا من حقيقتها، حتى أحسسنا أن مصر سلبت منا.. ولكن عودتها لا تأتى بالأمنيات أو الأحلام أو التظاهرات غير المسؤولة والمطالب التى تؤدى إلى مزيد من التدهور، وفى الوقت المتأزم نجد من ينتقد القوات المسلحة، بدون سند وبدون علم وبدون خبرة.. فى إصدار الأفكار وتحكيم العقل فى لغة الحوار.. لأننا لابد أن نعى الحقيقة المشرفة، أن الجيش هو حاضن الثورة وحامى أهدافها منذ اليوم الأول.. وقد تحمل ما لا يتحمله أحد، وهو الذى ساند الثورة ولولاه لما نجحت ولما حققت أهدافها.. ولهذا أقول إن التجاوز مرفوض.. فقواتنا المسلحة الكل يعرف تاريخها، وماذا فعلت منذ ثورة 23 يوليو 1952 - ويكفى أنها أنقذت حدودنا المصرية فى أشرس معركة ضد العدوان الثلاثى الغاشم فى عام 1956، ثم كانت ملحمة العبور يوم السادس من أكتوبر 1973 - النموذج المثالى الأسمى للحروب على مستوى العالم وباعتراف الأكاديميات العسكرية العالمية.. قواتنا المسلحة هى الدرع الواقى الداعم لأمننا وسلامة أراضينا.. هى رمز لكبريائنا وعزتنا على مدى الأجيال.. ويكفى موقفها الشريف منذ اندلاع الثورة فى الخامس والعشرين من يناير وحتى اليوم.. ونظرة واحدة لما يحدث فى ليبيا أو اليمن حاليا تكفى للدلالة على الفارق بين قواتنا المسلحة وجيوش هذه الدول المجاورة التى تحولت الثورات فيها إلى مجازر لا يعلم سوى الله سبحانه وتعالى كيف ستنتهى.؟!.
لقد تحملت القوات المسلحة على عاتقها، حماية الوطن منذ اندلاع الثورة وتؤدى دورها الاسمى فى أصعب الظروف بكل حكمة ويقين بالله والوطن وضرورة تحقيق ما يطلبه الشعب. ولكن للصبر حدود. فكل هذه المكاسب الخيالية التى حققناها فى الأسابيع الماضية بسرعة لا نسمح لانفعالات الشباب بأن تضيعها أو تبددها أو تفسد العلاقة بين الشعب وبين الجيش.. لابد أن يعرف هؤلاء أن هذه القضية خط أحمر لا يمكن تجاوزه، لأن تجاوزه يعنى الفوضى الشاملة، خاصة أن قواتنا المسلحة تفانت فى تحقيق ما يريده الشعب بكل شجاعة.. وبعد كل هذه الخطوات الجادة الحاسمة، علينا أن نهدأ كثيرا وأن ننتظر القرار الحكيم النابع من الرؤية القومية.. فهؤلاء المندفعون لا يقدرون خطورة صدامهم مع القوات المسلحة، الأمر كان فى قمة الحكمة من جانب الجيش واتخاذ القرار.. وفى العمل على رسم رؤية جديدة لواقعنا مبنية على مبادئ الاستقرار والأمن.. علينا أن ننتظر كثيرا.. وأن ننحى جانبا هذه المظاهرات. وأن نترقب العمل الجاد الذى يفعله الجيش.. إذا ما أردنا للثورة استكمال النجاح.. أو نحاول أن نجد قاسما مشتركا بين اندفاع البعض وحكمة القوات المسلحة.. ففى استمرار التكاتف بين الطرفين تحقيق لآمال الشعب المصرى بأسره ووسيلة لوضع مصر على طريق النهضة الشاملة.. ومعها يجب أن نكف عن مليونيات ميدان التحرير لأن المطالب تحققت وما كان أحد يتوقعها. فنحن بذلك نشوش على الثورة، خاصة أن الأمر قد دخل فى مرحلة محاكمة المتورطين فى قضايا فساد بكل أشكاله وألوانه.. ولا نريد أن نتشفى فى أحد.. لأن المحاكمات جارية وكل أحد سينال جزاءه.. ونحن نترقب نتائج هذه المحاكمات التى تعد أكبر مكاسب الثورة التى تسعى للتطهير وتصحيح الأوضاع.. وهذا يحتاج وقتا والشباب الثائر يريد أن ينام ويصحو فإذا هو فى وطن مختلف، هو نقيض الماضى الأليم.. ولكن الجيش وضع خططا مرفقة بجدول تنفيذى مرتبط بجدول زمنى، لا يخطو فى فراغ.. ولا بسبق خطوة قبل أخرى.. وفى هذه المفارقة قد ينتج سوء تفاهم يمكن حله بالحوار والشفافية.
أتمنى أن نرفع ميدان التحرير مؤقتا من الخدمة، لكى نتفرغ للعمل الجاد الذى يتطلب إعادة النظر فيما يحدث، حتى نستكمل ما نقص عنا من موارد فى هذه الشهور السابقة وننهض فى مشروعاتنا التنموية الشاملة والخروج من العشوائية التى أضاعت شبابنا سنوات طويلة، وندخل فى مفهوم التخطيط العلمى الحقيقى المبنى على قواعد وأصول ودراسة.. ولا يمكن أن يحدث هذا أبدا إلا إذا تعامل شبابنا مع القوات المسلحة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة على أنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة