المستشار يحيى الجمل تحول للغز كبير فى الحياة السياسية، فالرجل قبل الثورة كان تاريخاً وجهداً وطنياً لا ننكره، لكنه تحول لديكتاتور بعد الثورة يرفع شعار لا أريكم إلا ما أرى، وتشبث بالسلطة لدرجة أنه قال «لا يقدر أحد على الإطاحة بالجمل»، وحرص كل الحرص منذ عين نائبًا لرئيس الوزراء على إثارة المشاكل مع القوى السياسية، من أقصى اليمين لأقصى اليسار، فتارة يشن حملة ضروس على التيارات الإسلامية، وتارة يتحدى الإرادة الشعبية من خلال طرحه حذف المادة الثانية من الدستور، وليس هذا بالجديد عليه، فقد أكد على ذلك فى مقاله بتاريخ (١٦/ ٨/ ٢٠١٠)."تقدمت باقتراح لتعديل بعض مواد الدستور مكتوبة للأخ الدكتور زكريا عزمى بصفته أميناً عاماً لرئاسة الجمهورية، ليتكرم برفعها إلى مقام الرئيس محمد حسنى مبارك، شفاه الله وعافاه، وهناك مادتان على التحديد قد تثيران بعض الجدل ولا تحظيان بالإجماع الذى تحظى به سائر المواد الأخرى.. أولى هاتين المادتين هى المادة الثانية التى كانت فى البداية تنص على أن الشريعة الإسلامية «مصدر» من مصادر التشريع، ثم عدلت لتصبح «المصدر الأساسى للتشريع» هكذا على نحو القصر.
وأثارت هذه المادة كثيراً من الاعتراضات الفقهية والقضائية، بل وأثارت كثيراً من الفتن والاحتقانات الطائفية.. وهذا أخطر ما تصاب به مصر.. أقول دائماً إن مصر لن تُكسر إلا من ناحية تصدع الوحدة الوطنية والمادة الثانية بوضعها الحالى تفتح الباب أمام البعض للدولة الدينية وتبعدنا عن الدولة المدنية وتثير أسباب الفتنة الطائفية)، وتارة يتلفظ ببعض الألفاظ أمام وسائل الإعلام وفى تصريحاته الصحفية التى تتنافى مع قدسية العقيدة الإسلامية.
وتارة نجده يتحدى قرارات الحركة الوطنية، ويضرب بنتائج الاستفتاء عرض الحائط، ويحاول فرض دستور جديد يعد له هو ومجموعة من المقربين منه، متناسيا أن الاستفتاء حسم قضية وضع الدستور الجديد وآلياته، وتارة يتحدى الطبائع الشعبية لبعض المحافظات، كما حدث مع محافظة قنا، حيث أشعلت تصريحات الدكتور الجمل نيران غضب أهالى قنا، ودفعتهم للتصعيد الذى رأيناه على مدار أسبوع ولولا حكمة د. عصام شرف واستيعابه طبائع أبناء قنا، وإصداره قرارًا بتجميد تعيين اللواء عماد ميخائيل، لشهد صعيد مصر كارثة، بسبب استفزازات الجمل وتصريحاته.
كما أن أداءه فيما سمى بالحوار الوطنى كان سيئا للغاية، ويكفى أن المثقفين الذين شاركوا فى هذا الحوار أكدوا أنه لم يكن حواراً وطنياً على الإطلاق، ولم يفرق كثيراً عن حوارات الحزب الوطنى مع أحزاب المعارضة، ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد، بل وصف المثقفون تلك الجلسات بــ"جلسات المصطبة"، التى يجلس عليها الناس للدردشة فقط لا غير، لا لاتخاذ قرارات تضع آليات العمل السياسى فى المرحلة المقبلة، وأن الجمل كان يحاول فرض رؤيته على المشاركين، ووجدنا الجمل يتهم كل من يخالفه بالخيانة مرة، وبالجهل مرة أخرى.
وكانت من سيئات الجمل بعد جلوسه على مقعد نائب رئيس الوزراء، أنه أصبح إقصائيًا فوجدناه تعمد إقصاء كل الإسلاميين عن مجلس حقوق الإنسان المصرى، بالرغم من أن منهم من له جهود مميزة فى هذا الملف، وشهد لهم الجميع، أمثال الكاتب الصحفى محمد عبد القدوس، وعبد المنعم عبد المقصود، رئيس مركز سواسية الحقوقى، والمحامى الشهير منتصر الزيات وممدوح إسماعيل المحامى، كما علمت أنه اقترح فى حركة المحافظين على الحكومة الحالية رموزاً من النظام القديم، مثل رئيس جامعة الإسكندرية السابق، والذى أصبح محافظًا للإسكندرية، وعماد ميخائيل الذى شهد عصره قتل المتظاهرين فى الجيزة، والذى دافع عنه بشدة وأكد أنه لن يخرج من منصبه، ولم يختر أحدًا من مختلف القوى السياسية أو شباب الثورة بالرغم من أنهم من قاموا بالثورة وكانوا سببا فى وصوله لمنصبه الحالى، واسمحوا لى أن أنقل لكم كلمات من مقال د. يحيى من المصرى اليوم فى عام 2008 مخاطبا الطاغية مبارك "أنا واثق يا سيادة الرئيس أن بقاءك على سدة الحكم فى منصب رئاسة الجمهورية يجنب مصر مخاطر كثيرة ومحناً لا يعلم مداها إلا الله"، إنه جزء من سقطات الجمل الطود الذى جاء وقت إزاحته عن صدور المصريين.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة