ناصر عراق

الفاسدون.. والسلفيون وصراع الأفكار بعد الثورة

الجمعة، 29 أبريل 2011 07:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أما وقد رأيت الفاسدين يدخلون فى سجن طره أفواجاً، بعد أن استطاع الشعب المصرى العظيم أن يحقق ثورته المجيدة ويزيح أغبى جماعة حكمت مصر منذ مئات السنين، فقد أصبح من الضرورى أن تنفجر الآراء وتنطلق الأفكار بحثاً عن الطريق الأمثل من أجل بناء مصر جديدة.. حرة وعادلة وجميلة.

ذلك أن النظام السابق كان قد تفنن فى خنق الأفكار، وكتم أنفاس الناس عبر ثلاثين عاماً وأكثر (لا تنسَ من فضلك أن الرئيس السادات كان قد أغلق الأحزاب وصادر الصحف، كما قام باعتقال 1536 من خيرة مثقفى وإعلاميى مصر قبل اغتياله بشهر واحد فقط، وبالتحديد فى 5/9/1981 لأنهم عارضوا سياساته البائسة).

أى أننا نحن المصريين لم ننعم بنور الديمقراطية طوال عدة عقود معتمة.. فضلاً عن الفقر والجهل والأمية التى تمسك بخناق أكثر من 26 مليون مصرى.

لذا كان من الطبيعى أن تخرج كل الأفكار المكبوتة إلى النور بعد نجاح ثورة 25 يناير الباهرة، سواء كانت أفكاراً جريئة تصالح العصر وترغب فى اللحاق بقطار التقدم والحرية والعدالة الاجتماعية، أو كانت أفكاراً متخلفة تخاصم التاريخ وحركته الجبارة، لتحاول أن تجرجرنا لنعيش فى أزمنة سحيقة نفكر مثلما كان يفكر أجداد أجدادنا، ونلبس أزياء غريبة تخيف الأطفال وتنفر الكبار مثلما كان يلبس أسلافنا من مئات السنين.


نعم.. أمر طبيعى أن تحتشد وسائل الإعلام بلقاءات مع من يطلق عليهم السلفيون ليروجوا أفكارهم وتصوراتهم نحو مستقبل مصر وطبيعة نظامها السياسى، فهم قد تعرضوا لبطش شديد من قبل النظام السابق وحرموا من أبسط الحقوق للتعبير عن أفكارهم الغريبة، لكن ما دمنا قد قمنا بثورة مدهشة ضد الطغيان والاستبداد، فعلينا أن نتحلى بروح مرنة لاستقبال كل الأفكار مهما كان الشطط الذى يعتريها، وفى الوقت نفسه علينا التصدى لهذه الأفكار التى تعاند الزمن وتعطل المسير نحو المستقبل الذى نحلم به.

فى ظنى أن الذين يقفون بالمرصاد ضد أحلام الشعوب فى تشييد مجتمع جديد يواكب العصر، ويحترم حقوق الإنسان وحريته وعقيدته، ويبشر بالديمقراطية والعدالة الاجتماعية.. أقول إن الذى يقف ضد هذه الأحلام سيخسر معركته الفكرية لا محالة، حتى لو حاول أن يدعم كلامه بأقوال وأفكار يزعم أنها مقدسة، أو أنه ينطق باسم السلف الصالح!
لماذا؟
لأن ما يسمى بالسلف الصالح كانوا رجالاً ونحن أيضاً رجال، وما أعتقد أنهم كانوا أفضل حالاً منا فى رؤيتهم لمشكلات المجتمع وكيفية النهوض به.. وبصراحة أكثر نحن العرب والمسلمين لم نسهم بأى شىء فى الحضارة الإنسانية منذ أكثر من ستة قرون، وعشنا قروناً طويلة تحت نير الاحتلال، فكيف بالله عليك نتبع خطى أناس أخفقوا فى تحرير أوطانهم أو إقامة مجتمعات عادلة، أو اخترعوا شيئاً يفيدهم ويفيد البشرية؟
ثم إن الذين يدعون إلى مايسمى بإقامة دولة دينية إسلامية يسيئون لمفهوم الدولة كما يسيئون للإسلام العظيم.. لماذا؟ لأن الدولة ونظامها السياسى أمر يخص البشر فى الأرض ينظمونه كيفما شاءوا وبما يخدم مصالحهم.. أما الدين، فأمر يخص المرء فى علاقته بالسماء، وكيف يعبد الله؟ كما أننا نحن المصريين لسنا مسلمين فقط، بل هناك أخوة لنا فى الوطن يتبعون خطى السيد المسيح، فبأى منطق سنجبرهم على الرضوخ إلى ما يسمى الدولة الدينية الإسلامية؟
أرجو ألا تنس أن الشعب المصرى فى مجمله يرفض التشدد وينفر من التطرف، وبالتالى لن يتمكن من هضم أفكار تحرمه من أن يأخذ نصيبه المشروع من الحياة الدنيا وخيراتها بزعم أن هناك من يدعى أن الإسلام يحرّم كذا وكذا وكذا، والإسلام برىء من أفكار هؤلاء!
باختصار.. لقد فتحت الثورة كل نوافذ الوطن التى أغلقها النظام الساقط بغبائه التاريخى، لتدخل عصافير الأفكار وغربانها، وعلينا احتمال الجميع.









مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة