ما حدث فى ستاد القاهرة مساء أمس من نزول البلطجية وفتوات ألتراس الزمالك أرض الملعب واعتدائهم على لاعبى الأفريقى التونسى لا يمكن السكوت عليه بأى حال من الأحوال، لأنه انتقاص من هيبة الدولة المصرية ومؤسساتها، وتشويه لصورتها الجديدة المكتسبة بعد ثورة 25 يناير.
وإذا اتفقنا على ضرورة محاسبة المتسببين فى هذه الكارثة بصورة حاسمة وفى أسرع وقت، لابد لنا أولاً أن نحدد بدقة هؤلاء المتسببين فى الكارثة وأن نحدد كذلك مواقفهم وممارستهم وطريقة تفكيرهم، وما إذا كانت تتبناها قطاعات وأشخاص فى الدولة والمجتمع أم لا، بحيث لا نحاسب فقط على نتائج هذه الكارثة اليوم، ولكن نعالج المنهج الخاطئ الذى يحمل فى طياته كوارث عديدة قد تفاجئنا غداً وبعد غد.
فى بؤرة الاتهام يقف التوأم إبراهيم وحسام حسن اللذان قاما بعملية شحن واستعداء غير مسئولة للجماهير، وصلت إلى حد مطالبتها صراحة بالنزول إلى الملعب إذا كانت النتيجة فى غير صالح الزمالك، وموقفهما هذا أقل ما يوصف به أنه انعكاس لثقافة البلطجة التى قد يعتبرها البعض ـ عن سوء قصد أو فهم ـ إحدى نتائج الثورة، وإذا كانت الدولة المصرية المستقرة قادرة على استيعاب ممارسات البلطجة للأخوين حسن، فإنها وهى فى المرحلة الانتقالية التى نعيشها لا تتحملها بالتأكيد، ويجب الضرب على أيديهما بعقوبات رادعة لأن مبارة فى كرة القدم تؤدى إلى الانتقاص من هيبة الدولة وتدفع أرفع مسئوليها إلى الاعتذار ، هى بالتأكيد لا تمت للرياضة بصلة ولا حاجة لنا فيها ولا فى من وراءها.
وفى قلب المسئولية تقف وزارة الداخلية، ويجب أن يفتح تحقيق فوراً حول القصور الكبير للوزارة فى تأمين المباراة على الوجه اللائق، ولا أريد أن أسمع أسطوانة أن عناصر وأفراد الوزارة لم يعودوا إلى الخدمة بشكل كامل، فهذا كلام يكشف عن نقص كبير فى مقومات إدارة المنظومة الأمنية، أين جحافل الأمن المركزى؟ وهل كانت الداخلية تعرف أنها غير قادرة على تأمين المباراة ثم وافقت على إقامتها؟ وإذا كانت تعرف لماذا لم تنسق مع الجيش وعناصر الشرطة العسكرية لتعويض النقص فى الأفراد والمعدات؟
من ناحية أخرى أريد أن ألفت نظر الدكتور عصام شرف رئيس الوزراء إلى ما يشاع فى المجتمع من نشر لثقافة العنف وفرض الأمور بالقوة، سواء كان ذلك صادراً عن شخصيات محسوبة على الرياضة أو محسوبة على تيارات سياسية ودينية تسعى الآن إلى تكريس حقائق على الأرض واستعراض قوتها وقدرتها على تنفيذ تهديداتها التى قد تمس الحقوق والحريات العامة للمصريين
وأعيد مرة أخرى اقترحا طالبت خلاله بتشريع يردع كل من يرتكب جريمة تكدير السلم العام أو يكسر أياً من ثوابت المجتمع والدولة ويتعدى على الحريات والحقوق المكفولة فى جميع المواثيق والعهود الدولية والتى وقعت عليها مصر، ويتضمن هذا التشريع بالقطع عقوبة لمن يستعدى قطاعاً من المجتمع على عموم المصريين أو يشعل رماد الفتنة الطائفية، فمواجهة منهج العنف والبلطجة الآن ، ربما تسبق مواجهة تداعيات الممارسات الخاطئة لمباراة الزمالك والأفريقى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة