السلفيون والسياسة.. الخروج من تحت الأرض

الخميس، 07 أبريل 2011 10:51 م
السلفيون والسياسة.. الخروج  من تحت الأرض المنتقبات ظهرن بقوة يوم الاستفتاء
أكرم القصاص - تصوير : ماهر إسكندر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النظام السابق دعم السلفيين لمواجهة الإخوان، مثلما فعل السادات مع الإخوان لمواجهة اليسار، بعد ثورة 25 يناير أصبحت التيارات السياسية فى طريقها للتبلور، ودخلت تيارات أخرى على الخط السياسى والإعلامى منها التيارات السلفية. التى تبدو شكلا واحدا لكنها تتنوع فى المضمون. والمصادر.

بدءا من أنصار السنة إلى الجماعة الإسلامية والجهاد والقاعدة والوهابيين، كلهم ينتمون للفكر السلفى ويعلنون التزامهم بأفكار وتصرفات السلف كما يرونها، ويتصورون إمكانية إعادة صورة الإسلام الأولى. لكنهم يتنوعون فى مصادرهم وأشكال تصرفاتهم.

منهم نجوم الفضائيات مثل محمد حسان أو يعقوب، ومنهم سلفيون عائدون من السعودية، أو تيار فى الإسكندرية أو المحافظات. أغلبهم كانوا يعملون فى الدعوة بعيدا عن السياسة وبعضهم كانت له علاقات مع أمن الدولة وينظمون مظاهرات للمطالبة بإطلاق من من قالوا إنهن مسلمات محتجزات فى الكنائس.

يتوزعون على الإسكندرية والفيوم والصعيد والوجه البحرى والقاهرة، بعضهم اتهم بالتورط فى الاعتداء على منازل وممتلكات بزعم تطبيق الحدود، مثل مهاجمة بعض المنتمين إلى «السلفيين» سيدة فى منزلها بالمنوفية، وقطعوا أذن مسيحى فى قنا مما أثار قلق وغضب كثيرين، واضطر السلفيون لتكذيب هذا والتبرؤ منه. خاصة أنه أعاد صورة الجماعات الإسلامية فى التسعينيات التى اصطدمت بالمجتمع والدولة وانتهت إلى السجون أو القتل. أو الهرب إلى أفغانستان أو السعودية.

وهم حديثو عهد بالعمل السياسى وبعضهم يتبنى أفكارا تخلط بين الواقع والخيال. ومازالوا بالرغم من اعترافهم بالثورة لم يغيروا أفكارهم عن التعددية والمشاركة والمواطنة، ومازال بعضهم يفهمها على طريقة وهابية أو باكستانية أو أفكار نشأت فى أوقات الصراعات المسلحة فى آسيا أو جمهوريات روسيا السابقة. القاعدة تختلف مع الإخوان وهناك انتقادات لأيمن الظواهرى للإخوان ترجع إلى أن الظواهرى يتبنى الجهاد والحرب.

الظواهرى كان يشكك فى إمكانية قيام تغييرات ثورية سلمية فى الدول العربية وهى نظرية سقطت بثورات سلمية جماهيرية نفت تصورات الظواهرى الذى خرج ليعلن تأييد الثورة ويدعو إلى اكتساح الانتخابات أو شن حرب وهو هنا ينتمى إلى فكر معزول يعجز عن قراءة الواقع، وأفكار لم تختبر سياسيا، وفكر يعتبر الحرب غاية وليست وسيلة.

يتجاهل الظواهرى وكثير من السلفيين أن السعودية التى كانت أكبر داعم لهم ماليا ومعنويا تواجه أزمات وتحولات تدفعها لوقف التمويل الأمر الذى يجعل هذه التيارات فى مأزق.

السلفيون يدخلون للسياسة بعد سنوات كانوا يمارسون فيها سلطة دينية فى غيبة السياسة، وأصبحوا يعملون فى العلن ويحتاجون إلى تقديم خطاب سياسى وعدم الاكتفاء بخطاب الترهيب والترغيب.

مع دخول تيارات كثيرة خاصة من الشباب أصبحوا يمتلكون شجاعة المواجهة ويرون الإسلام فى صورة وسطية معتدلة، كما أن اتساع العدوان على القانون والخروج على المجتمع والإسلام الوسطى يمكن أن يقود لتصادم مع الدولة، ويضع السلفيين فى موضع المتهم الذى يتجاهل القانون ويقود إلى الفوضى وهو مادفع بعض دعاتهم لنفى هذا وإعلان استنكاره.

من جانب الدولة يتوقع أن تعمل على مواجهة الخروج على القانون حتى تستعيد هيبتها مع تقديم برامج اجتماعية واقتصادية للفقراء لتنهى سطوة التعصب. مع الأخذ فى الاعتبار أن المجتمع المصرى يميل إلى الوسطية والاعتدال. ولهذا استهجن أغلبية من أدلوا بنعم للاستفتاء ما حاول السلفيون تصويره على أنه صراع دينى الأمر الذى دفع يعقوب للتراجع عن تصريحاته حول غزوة الصناديق والعودة لخطاب معتدل.

ولا يمكن اعتبار السلفيين كلهم متشددين فمنهم من يعتنق الوسطية والدعوة السلمية ومنهم من يستقوى فى مواجهة الضعفاء وهؤلاء يتجهون للتصادم مع العائلات أو الحكومة أو المجتمع.

وأهم أزمات السلفيين مع السياسة هى عدم استيعاب العمل السياسى والمنافسة بين البرامج، أغلبهم كان ينطلق ولايزال من تحريم الأحزاب أو الانتخابات وعليهم استيعاب هذا من جديد. ولاتزال فكرة الأحزاب الدينية مرتبكة وهناك من يطالب بأحزاب على أساس دينى. رفضا للدستور وقانون الأحزاب وهى أزمة يتوقع أن تواجه أى أحزاب لن تلتزم بالقانون.

كما أن نجوم الفضائيات من السلفيين عليهم تقديم خطاب جديد يفرق بين السياسة بوصفها جدلا وعملا ينتهى إلى برامج، وبين كلام عام وقصص مؤثرة، لكنها لا يمكن ترجمتها إلى برامج سياسية واقتصادية.

لا توجد إحصاءات بأعداد المنتمين للسلفية فى مصر لكنهم يقدرون بين مليون إلى مليون ونصف، والبعض يقدرهم بأكبر من هذا يختلفون فى التفاصيل والتصورات وطريقة العمل، وليس كل السلفيين تيارا واحدا، بينهم التابعون لابن عبدالوهاب ومنهم العائدون من السعودية، ويختلفون عن السلفيين الذين نشأوا فى مصر أو الذين ارتبطوا بالقاعدة والأفغان والشيشان والجهاد الخارجى.

وهناك أنباء عن أن 3 آلاف من هؤلاء قرروا العودة لمصر بعد سنوات عاشوا خلالها فى مجتمعات أخرى ولديهم تصورات مختلفة، ويفترض أن يعودوا بقواعد المجتمع المصرى وأن يتم التعامل معهم على هذا الأساس. أفكار أيمن الظواهرى الرجل الثانى فى القاعدة تختلف مع أفكار الجماعة الإسلامية التى توصلت إلى مراجعات اعترفت فيها بخطأ العنف، بل هناك تفكير مشترك بين سلفيين محليين وبين القاعدة.

بعض السلفيين المصريين يعتمدون على أفكار محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه فى السعودية مثل ابن باز وابن عثيمين، وهى أفكار تختلف عن أفكار السلفيين الذين نشأوا فى المجتمع المصرى بوسطيته واعتداله.

وينتشر السلفيون على الطريقة السعودية بين شرائح المجتمع فى المدارس فى الجامعات، بين التجار وأصحاب المحلات، بين رجال الأعمال والدعاة وخطباء المساجد، وتنتشر المنتقبات فى مناطق يمثل السلفيون فيها كتلة سكانية غالبة، لكن منهن من وصلن إلى الجامعة الأمريكية ونوادٍ مثل الصيد والدقى والساحل الشمالى وهؤلاء أثرياء، ومنهم نماذج أخرى وجدت مصدرا للرزق فى السعودية وعادت بأفكارها، بين دعاة السلفية المهيمنين على سوق الكاسيت فى مصر، ونجد أن محمد حسين يعقوب ومحمد حسان ومحمود المصرى أشهر من قادة الإخوان أو السياسيين لأنهم يقدمون خطابا قصصيا مريحا أو مهددا بلا التزامات برنامجية أو سياسية.
الأصل عند السلفيين مقاطعة الانتخابات لكن بعضهم ترشح كمستقلين أو على قوائم الأحزاب خاصة الحزب الوطنى.

أيمن الظواهرى كان يرى أن التغيير لا يمكن أن يتم إلا بالحروب واستبعد التغيير السلمى وهو أمر أسقطته ثورة يناير السلمية. وعاد ليطالب بإقامة أمة إسلامية بالانتخابات أو القوة دون أن يدرك الفرق بين أفغانستان ومصر، وهو فى بعض أفكاره أقرب إلى الحكام العرب الذين تصوروا استحالة الثورة الجماهيرية عليهم، لكن الواقع كذبهم وسقط بن على ومبارك، وفى الطريق اليمن وليبيا، وسقطوا بخروج الشعب بفئاته الوسطى وجعل الشعب طرفا فى معادلة الحكم، وكان الذين ثاروا أولا لا ينتمون للجماعات السلفية التى ترددت كثيرا فى الانضمام إلى ثورة يناير يوم 25 وأيضا 28 يناير، لكنهم بعد نجاح الثورة سارع عدد من المنتمين للسلفية بالظهور والانتقال إلى ميدان التحرير، وكانت جماعة الإخوان أسبق فى الظهور، لكنها ليست الفاعل الذى أشعل الشرارة، وبالتالى فإن هناك أجيالا شابة تنتمى للوسطية وتطلب دولة مدنية يتساوى فيها المواطنون.

وظهرت خلافات بين التيارات المختلفة فى التحرير والإخوان، التى حاولت طمأنة الجميع، وهناك فرق بين الإخوان كتيار سياسى فى الميدان منذ سنوات وله نواب فى البرلمانات، وعلاقات مد وجزر مع النظام السابق. بينا كان التيار السلفى بعيدا عن السياسة، بل يحرمها. وبعضهم يفتقد إلى القدرة على العمل ضمن المجتمع. الأمر الذى أدى إلى مصادمات بينهم وبين تيارات سياسية والمجتمع.

ومازالوا يفتقدون إلى الحس السياسى أو القدرة على قراءة الواقع، ويميلون إلى القطعية والمصادرة، والاستقطاب واستعراض قوة، هم أنفسهم لا يدركون أبعادها، خاصة أنهم متعددو الفروع. الذين ينتمون إلى التيار السلفى يتنوعون بين من خرجوا حديثا من السجون مثل عبود وطارق الزمر بعد فترة عزلة غاب عنهم واقع المجتمع. وتسببت خطاباتهم المتعجلة حول المسيحيين والجزية وخلافه فى صدمة للمجتمع وتياراته المدنية.

كما أن عدم تفهمهم معانى مثل المدنية وتصوراتهم عن إمكانية فرض رؤيتهم على أغلب المجتمع بالقوة أو الاستعراض أثارت ضدهم الغضب والرفض خاصة أن تجمعاتهم تعمل وسط الضعفاء والفقراء بينما يعجزون عن التلويح بالقوة فى المجتمعات ذات العائلات والقوة القبلية، أو التى تحظى بدرجات من التماسك، وهناك بين السلفيين تيار إعلامى أو نجوم من مصلحتهم أن تبقى صورتهم مقبولة إذا كانوا ينوون الدخول إلى عالم السياسة الذى يختلف فى مصر عنه فى السعودية، أو أفغانستان أو باكستان.

فالسعودية تتجه حاليا إلى الانفتاح على العالم والدولة الحديثة، وبعد أن كانت مصدرا لدعم وتمويل بعض هذه التيارات، تتجه إلى تحولات سياسية وثقافية تأثرا بما يجرى فى العالم. كما أنها لم تنجح بالرغم من أنها استندت إلى أفكار وهابية فى تقديم نموذج إسلامى للعدل ولا فى الخلافة التى يطالب بها دون أن يدركوا أن التاريخ لا يعود، وأن كل دولة لها ظروفها التاريخية والجغرافية، وبالتالى فإن مصادر الفكر السلفى تختلف من السعودية إلى أفغانستان أو باكستان وكلها أفكار تعلن التزامها بالسلف.

وعليهم إن أرادوا الدخول للسياسة أن يلتزموا قواعدها أو يعودوا للدعوة ويبتعدوا عن السياسة التى يتوقع أن تضعهم فى محك التجربة بعد سنوات كانوا فيها يقدمون خطابا يمتلئ بالوعود دون أن يلتزم ببرامج وقواعد السياسة. ويعلموا أن الخلاف معهم ليس خلافا على الإسلام وإنما اختلاف على بشر وبرامج سياسية.








مشاركة

التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

حاتم

انت شكلك بتحاول تشوه صورة السلفين وخلاص

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة