غريب أمر ما يسمى بـ"الحزب الوطنى" والوجوه التى تسيطر عليه الآن، فمع كل قضية فساد يتورط فيها أحد الكبار المنتسبين إلى الحزب، تسارع الوجوه المسيطرة، وكانوا من كبار عازفى العهد البائد، إلى فصل هؤلاء المتورطين، وكأن الحزب ووجوهه يتخلصون من استثناء حفاظا على القاعدة، بينما الواقع يثبت يوما بعد يوم أن العكس هو الصحيح، وأن الحزب ووجوهه يحاولون توظيف واستغلال قضايا الفساد المتورط فيها الأعضاء ، أفضل توظيف وأأمن استغلال، بأن تتحول القضية إلى مناسبة للظهور الإعلامى وفرض وجود الحزب على الناس!
وإذا كان ظهور الحزب الوطنى ووجوهه غريبا ومستفزا، فالأغرب هو عدم صدور قرار بحله أو حتى على الأقل تجميده، وليس فى ذلك أى تجاوز أو افتئات على الحريات السياسية، فالقاصى والدانى يعرف دون حاجة إلى قرائن أو أدلة، كيف أفسد هذا الحزب الحياة السياسية على مدى الثلاثين عاما الماضية، كيف صارت الرشاوى السياسية والمادية فى عهده الميمون قانونا ،وكيف صار بابه الواسع ممرا أمنا إلى تزاوج السلطة بالمال، وبالتالى السيطرة على مقدرات الحياة المصرية.
من المعروف للجميع أن الحزب الوطني، قد تغلغل فى كافة مؤسسات الدولة لعدة عقود، حتى صار هو الدولة والدولة هو، فكيف تنصلح الحياة السياسية فى مصر دون حله أو على الأقل تجميده، وبأى منطق يترك الحزب ليصبح شوكة دامية فى ظهورنا جميعا؟ مهما ارتفعت رايات التطهير من داخل الحزب أو ارتفعت رايات المثالية السياسية من خارجة تطالب بالإبقاء علية، فهو ليس مجرد حزب سياسى ولكنه معقل نظام فاسد مفسد أفقرنا سياسيا واقتصاديا وثقافيا وأهدر مقدراتنا لسنوات طويلة.
ربما لا يريد المجلس العسكرى الحاكم أن تتخلل مهمته المؤقتة قرار بحل حزب سياسى حتى لو كان الأسوأ بين الأحزاب، إذن ،فالأكثر ملاءمة فى ظل العهد الثورى الذى نعيشه ومع تصاعد المطالب الوطنية بمحاكمة الفاسدين والمفسدين ، أن يتم تجميد " الوطنى" لمدة خمس سنوات ، يمنع خلالها من ممارسة العمل السياسى ، وهى مدة كافية تتضمن الفترة الانتقالية التى نمر بها بالإضافة إلى المدة الرئاسية الأول للرئيس المنتخب
وإذا كان فى هذا الحزب من يؤمن حقا بمبادئه فلينتظر هذه السنوات حتى استقرار الأوضاع، وليعتبرها ضريبة واجبة على كيان سياسى فاسد شاءت الأقدار أن ينتمى إليه واعيا بفساده أو غير واع، وعليه بعدها أن يعود لممارسة السياسة داخل الحزب أو حسب النكتة التى كانت شائعة "على مبادئ الحزب الوطنى"، أما القرارات الكوميدية التى يخرج بها علينا الثنائى "بباوى –رجب" يوما بعد يوم، بفصل هذا العضو الشهير أو ذاك الوجيه السياسى، فلا طاقة لنا على تحمل سماجتها وثقلها، ولا أظن أن كيانا مثل "الحزب الوطنى" يستحق أن ننظم من أجله مليونية حتى يتأكد لدى المجلس العسكرى أنه غير مرغوب فيه شعبيا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة