حريق كنيسة إمبابة، ليس مجرد جريمة اعتداء وبلطجة، لكنه خيوط حرب أهلية تتشكل منذ أسابيع. طبعا هى جزء من فوضى قطع الطرقات، والبلطجة، لكنه يتجاوزها إلى الحرب.
بعد الحريق، رأينا وسمعنا كل التيارات تستنكر الجريمة، وتهاجم البلطجة، والخروج على القانون وتطالب بتطبيقه، البعض اتهم فلول النظام السابق، وفلول أمن الدولة بالوقوف وراء الطائفية. والبعض الآخر اتهم جهات خارجية بالضلوع فى مؤامرة لإشعال الفتنة والحرب الأهلية. وتغذية الفوضى التى تتضاعف يومياً من هروب مساجين، وقطع الطرقات، ومهاجمة السيارات والمنازل.
لا يمكن استبعاد كل هذه العوامل، لكن يجب الاعتراف بأن الأمر فى إمبابة أوضح، البلطجية واللصوص وقطاع الطرق يهدفون إلى المال من عائد السرقات، لكن الاتجاه إلى كنيسة واختلاق وقائع اختطاف مسيحية أسلمت هنا، أو تهريب أخرى هناك، أمر يجرى علنا منذ أسابيع. ولا ينفصل عن فوضى تتحدث عن الحرية، وهى تريد التسلط وفرض الرأى.
السلفيون كانوا أكثر تيار دافع عن نفسه، وينفى التورط فى مثل هذه الجريمة الشنعاء، ويضربون أمثلة منها أن نجوم شيوخ السلفيين شاركوا فى الجلسات العرفية لاحتواء أزمة الاعتداء على كنيسة الشهيدين فى قرية صول بأطفيح. ومساعيهم لإطفاء الفتنة فى قنا. وبالمرة يتحدثون عن مصر والمستقبل والثورة التى شاركوا فيها. والعدالة والمساواة.
سوف نحاول تصديق هؤلاء فى أنهم لم يشاركوا فى حريق كنيسة إمبابة وأن الذين فعلوها هم بلطجية وخارجون على القانون. حتى لو كانت أهداف البلطجى واضحة. لكننا رأينا السلفيين وهم ينظمون مظاهرات أمام الكنائس ويطالبون باستعادة كاميليا، التى قالوا إنها أسلمت، وأن الكنيسة تمنعها وتحبسها. وقد يظن شخص ما أن كاميليا أرسلت تستغيث بهم، المظاهرات من أجل كاميليا مستمرة من أيام النظام السابق، فى الاسكندرية والقاهرة، كان المئات يخرجون ليطالبوا بالاخوات واستعادتهن. وبعد تنحى مبارك وتفكك أمن الدولة، تزايدت مظاهراتهم وآخرها الجمعة الماضى، مع بلاغات وقضايا تطالب بإجلاء مصير الأخوات. وفى الطريق مظاهرات ضد المفتى، لأن المحكمة أصدرت حكما يمنع النقاب فى الامتحانات، وطورت الأخوات مظاهراتهن ضد شيخ الأزهر.
وبعد بلاغات مصير كاميليا، عرضت قناة مسيحية فيديو قالت إنه لكاميليا، تؤكد فيه انها لاتزال على مسيحيتها. وفى نفس اليوم انطلقت مظاهرات إلى كنيسة امبابة بناء على شائعة أو حديث لرجل قال إن عبير زوجته أسلمت وتزوجته، وأن مجهولاً اختطفها وانه علم بأن هناك من يخفيها فى بيت بجوار كنيسة إمبابة. ورأينا حشودا وهجوما ومحاولات عرفية للبحث عن الفتاة، لكن الأمور تطورت إلى إطلاق زجاجات مولوتوف وظهرت مدافع رشاشة. سقط قتلى وجرحى. ورأينا بعض هؤلاء الإرهابيين وهم يتهمون المسيحيين بانهم الذين بدأوا ولم يقولوا ما الذى أوصلهم إلى الكنيسة وفوضهم لتطبيق القانون. نسى الجميع الثورة ومصر. واستعادة الأمن وحل مشكلات الصحة والنظافة والاقتصاد، وانشغلوا بطموحات السلفيين فى استعادة أخوات، وصراعهم على ملكية المساجد أو سلطة المنابر، ودفاعهم عن النقاب. وبعد كل هذا يقولون إنهم أبرياء، وأن بلطجية فعلوها وأشعلوا النار. وأنهم لم يشاركوا فى مؤامرة على الدولة والبلد، وعلينا أن نصدقهم وهم يتحدثون عن الثورة وعن الدولة، وعن طموحاتهم فى السلطة التى تبدو بشائرها فى عقولهم. وعلينا أن نكذب أعيننا، ونصدق أنهم أبرياء من تهمة الحرق، ونتجول معهم بحثا عن أصابع خارجية أو الفلول.. التى فى العقول. > >