لا تحاول أن تجعل من نفسك متحضراً ومستنيراً ومعتدلاً وترضى ضميرك برفض ماحدث فى إمبابة، أنت متهم ياصديقى.. واطمئن أنت لست وحدك، كلنا متهمون وشركاء فى جريمة إمبابة بشكل أو بآخر..
بعضنا شارك بالصمت، وبعضنا شارك بالخجل من اللحية الطويلة وكلمة «قال الله وقال الرسول» التى يصدرها بعض السلفيين فى كل حوار، لإرهاب قلب أى مسلم يملك رأيا مختلفا، وآخرون شاركوا فى تلك الجريمة بهز الرأس موافقة على فتاوى الفضائيات الدينية التى تحرم موالاة المسيحيين، والأكل من طعامهم، ومشاركتهم أعيادهم، وكثيرون شاركوا فى إشعال الكنيسة لأن اللحية وتعليمات المشايخ بنصرة عبير أو كاميليا أجبرتهم على ذلك، حتى وإن لم يملك أحدهم دليلا ماديا على إسلامهما، والكنيسة شاركت فى الجريمة بصمتها وردود أفعالها المريبة على مثيرى أزمة كاميليا وغيرها، وشباب الثورة شركاء لأنهم تركوا الثورة وانشغلوا بغنائم الائتلافات، وتوزيع مكاسب الظهور الفضائى والمنظمات الدولية، أما حكومة شرف ووزارة الداخلية ورجال القوات المسلحة فشراكتهم تكمن فى التراخى، وفقدانهم للحسم والحزم، وربما فى دعمهم أو فرحهم بما يحدث!!
لم يفلح فضولى المهنى فى إبقائى داخل أرض معركة إمبابة ليلة السبت أكثر من 40 دقيقة نزلت فيها الدموع، وأصيب القلب بكل أنواع الوجع، كل علامات الاستفهام التى تقفز إلى العقل لا إجابات لها، فلا أحد يعرف لأى سبب ذهب المشايخ للتظاهر أمام الكنيسة؟ ولا أحد يعرف من هو الشخص الذى ادعى وجود فتاة اسمها عبير اختطفتها الكنيسة لأنها أسلمت؟ ولا أحد يعرف هل كانت طلقات النار تأتى من داخل الكنيسة أم من خارجها؟ ولا أحد يعرف لماذا تأخرت قوات الجيش والشرطة عن الحضور، ولماذا تأخرت عن التدخل بعد أن حضرت؟ بل لماذا صمتوا أساسا على احتلال السلفيين لمساجد الأوقاف فى منطقة إمبابة والعديد من المحافظات؟ ولا أحد يعرف أى دين هذا الذى يأمر بالقتل والحرق من أجل «واحدة ست» انتقلت من قائمة الصليب إلى الهلال أو العكس؟.
العبث يا سيدى هو عنوان تلك المسرحية الدموية والهزلية فى الوقت نفسه، فهل يمكن أن تصدق حكومة الثورة ورجال المجلس العسكرى وهم يحدثونك عن الدولة المدنية ويعدونك بالمساواة فى كل صباح، بينما هم يقومون فى الليل بتنصيب الشيخ حسان وصفوت حجازى متحدثين ومراسيل للتفاوض باسمهم فى أزمات أطفيح وقنا وغيرها من القضايا السياسية؟
هل المسلمون فى حاجة إلى عبير أو كاميليا لكى يقتنعوا بأنهم على الدين الصواب، وهل المسيحيون فى حاجة إلى كاميليا أو عبير لكى تطمئن قلوبهم إلى الصليب؟ لو أنك أجبت عن هذا السؤال بنعم، أرجوك اذهب بعيداً عن هذه السطور، وقم بزيارة طبيب نفسانى ربما يفلح فى معالجة قلبك من تطرفه وسواده!
خلال الدقائق القليلة التى قضيتها فى أرض معركة إمبابة سمعت «ذقون» تتكلم بأشياء تبدو مثل تلك الخطب التى نسمعها على الفضائيات الدينية التى يقولون إنها ستأخذنا للجنة، وكأنها ميكروباص بالأجرة، سمعت «ذقون» تتكلم باسم الدين الإسلامى، وتلقى بتعاليم لا تتوافق أبداً مع سماحة هذا الدين وعظمة رسوله وآيات قرآنه، كلاماً عن إسلام يختلف كثيراً عن الإسلام الذى أوحى به الله لنبينا محمد عليه الصلاة والسلام ونقل به شبه الجزيرة العربية من ظلمات الجهل إلى النور، كلاماً عكس كل الكلام الذى نقل به النبى محمد تلك الأرض الصحارى المتخلفة إلى حيث الحضارة والمدنية، والعدل والمواساة واحترام الآخر وعقيدته أيا كان مقدار اختلافها وتناقضها.
لا شىء أنصح نفسى وإياك بأن تفعله ياصديقى سوى أن نقف ونعتذر لإسلامنا إن كنت مسلما، أو للمسيح إن كنت مسيحيا، لأننا تركنا الفرصة وسمحنا لهؤلاء المتطرفين والجهلة أن يتكلموا باسم ديننا وعقيدتنا.. أنا آسف بجد يا إسلامنا! > >
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
محمد جمال
أعجبتنى مقالاتك ولكن