عاهدت نفسى أن أتوخى الحيطة فى سطورى هذه حتى لا أضع نفسى فى هوة قد تسحقنى.. عاهدت نفسى أن أطرح أقاويل عديدة نمت إلى سمعى بأوساط نبض الشارع المصرى قد لا تخرج فى مضمونها عن تكهنات وقررت أن أنأى بنفسى عن وضع تصورى فى هذا الصدد خشية تأثيرى على السادة القراء.
صدقونى جاهدت نفسى كثيرًا حتى لا أتطرق إلى ما هو آت.. إلا أننى وجدت ضميرى الصحفى يدفعنى إلى اقتحام هذا المعترك الشائك والإفصاح عما يختلج به صدرى ففوضت أمرى لله.
ما هو دور جماعة الإخوان المسلمين فى ثورة 25 يناير.. وهل هناك علاقة بينها وبين حزب الله بلبنان وحماس بفلسطين؟!.
ما هو فكر الجماعة الإسلامية والاتجاه السلفى ودورهم فى الحياة السياسية المقبلة وأين العلمانية من كل هذا؟ هل الحياة المدنية لا تعنى دولة إسلامية؟
وباستقراء أغلبية الآراء سواء فى الشارع المصرى أو من خلال الصحف اليومية تبلور لدى رؤية حول جماعة الإخوان المسلمين فى ثورة 25 يناير وهذه الرؤية هى مجموعة من آراء قمت بربطها سويًا حتى فوجئت بالتالى:
إن جماعة الإخوان المسلمين التى قام النظام السابق بمحاولة محوها من على الساحة السياسية فى مصر متناسيًا الدور التاريخى لها وبما لها من شعبية بأوساط الكثيرين والتى تمكنت عبر حقبة تاريخية من الوصول إلى جماعة منظمة على أعلى مستوى سياسى كان ينقصه الاعتراف به.. وناضلت تلك الجماعة عبر عصور عديدة مرورًا بحقبة الراحل جمال عبدالناصر ومن بعده الراحل محمد أنور السادات.. وأخيرا.. النظام السابق، الذى قام بتضييق الخناق عليهم، الوضع الذى دفعها إلى وضع تصور لقلب الحياة السياسية فى مصر رأساً على عقب وإن كان هذا التصور أو المخطط ظل حبيس أدراجهم الآن، إلا أننا يجب ألا ننكر أنه كان موجودًا ومعدًا له بالفعل.. وقامت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر بالاستعانة بمن تريده فى ذلك الشأن سواء من عناصرها المصرية أو الأجنبية التابعة للجماعة بالنظر إلى أن المرشد العام فى مصر هو المرشد العام لتنظيم الجماعة العالمى فالسمع والطاعة للمرشد العام واجب لا يجوز الخروج عنه.. ولقد اتجهت أقاويل البعض إلى وضع تصور لدور الجماعة فى ثورة 25 يناير مؤكدين على أن الجماعة لها دور سابق عن هذا التاريخ ومخطط له بحنكة وبصيرة.. فلقد قامت جماعة الإخوان المسلمين فى مصر بالتنسيق مع حزب الله فى إيران ولبنان.. وكان لقطر دور مهم فى هذا التنسيق فضلا عن توجيه قناة الجزيرة إلى خدمة الثورة من خلال بعض مذيعيها المصريين والذين أرفض رفضًا باتا ذكر أسمائهم.
كما قامت جماعة الإخوان المسلمين بالتنسيق مع حماس فى فلسطين والتى تعد الجناح العسكرى للجماعة وتبلور هذا التنسيق فى الاستعانة بعناصر مسلحة تأتى لمصر لاستخدامها فى حالة المواجهات الأمنية الحادة التى كانت متوقعة من قبل النظام السابق.
وفى هذا الصدد أيضا قامت قيادات الجماعة بتأهيل عناصر الجماعة للثورة وإن كانت ساعة الصفر غير محددة بل وغير معلومة للقيادات حد ذاتهم. وأشارت أقاويل مرتبطة بهذا الصدد إلى إن جماعة الإخوان المسلمين فى أعقاب الانتخابات الساخرة والمستفزة لمجلس الشعب السابق والتى عزلتهم بقوة وقهر من الحصول على أية مقاعد الأمر الذى أثار سخرية رجل الشارع المصرى نظرا لما هو معروف عن جماعة الإخوان المسلمين من قوة سياسية لا يستهان بها، بما لها من تأثير حقيقى على بعض فئات من الشعب المصرى والأدهى من ذلك والذى أثار ضحكنا جميعا أن هناك محافظات لا يتخيل عدم حصول جماعة الإخوان على أغلبية مقاعد مجلس الشعب فيها.. وكلنا نعلم ذلك.. ومن هنا أكد البعض أن هذا كان مبررا كافيا لجماعة الإخوان المسلمين لإعداد العدة للثورة بشكل كاف وإن كانت ساعة الصفر غير محددة كما أشرت من قبل.
أكد البعض أن ثورة 25 يناير كان يعد لها شباب مصر عبر الفيس بوك كما هو جلى من خلال «وائل غنيم» من خلال صفحة «كلنا خالد سعيد». حيث كانت الدعوة لتخليص مصر من الديكتاتورية والدعوة إلى عهد جديد للحرية والديمقراطية والتخلص من عهد بائد يسوده الفساد السياسى والاقتصادى مستغلين نجاح الثورة فى تونس ومن هنا كانت صحوة شباب مصر الأوفياء وتم تحديد ميدان التحرير واجهة للثورة وفى يوم 25 يناير 2011 خرجت الثورة البيضاء إلى ميدان التحرير تحمل أكفان الأطهار ودماء الأبرار وأعلام الأطفال وانضم إليهم القليل من الفصائل السياسية المحدودة على الساحة المصرية آنذاك.. وكانت المطالب لا تتعدى كونها رغبة فى الإصلاح الاقتصادى والسياسى، وكان الأمن فى ذلك اليوم على غير عادته سلميا لدرجة تثير الدهشة.. إلا أنه فى حوالى الثانية صباحًا قام الأمن بالتعامل بوحشية مع الثوار وأجبروهم على إخلاء ميدان التحرير.. وفى صباح اليوم التالى الموافق 26 يناير كان قرار جماعة الإخوان المسلمين فى تنفيذ مخططهم لتدمير النظام مستغلين ثورة شباب 25 يناير للانطلاق منها وبدأ الإخوان تنفيذ مخططهم فى إجهاد قوى الأمن وصولا لغايتهم التى قد تستمر ساعات أو أياما والتى كانت فى علم الله.. وفى ذات الحين كان شباب الثورة عبر البوابة الإلكترونية يدعون لمليونية يوم الجمعة 28 يناير وهنا شارك الإخوان فى التحفيز الإلكترونى لتلك المليونية وها نحن آنذاك لا نعلم المخطط الإخوانى المعد له سلفا لأنه كان سريا على الجميع. وفى يوم الجمعة 28 يناير اتخذ المصريون من مساجد وكنائس مصر نقطة الانطلاق إلى ميدان التحرير وبدأت حشود الثورة فى التوجه للميدان متخذين من كافة مداخله ممرًا لثورة الحرية وكأن سماء الحرية فى انتظار الثوار فوق الميدان وفى ذات الوقت كانت سماء الحرية تنتقل من ميدان التحرير إلى محافظتى الإسكندرية والسويس لتلوح بالحرية للشعب المصرى كأنها تنادى علينا من يريد الحرية فليأت تحت سمائى.. وكانت حشود الأمن فى انتظار حضور الثوار وكانت تجهل أن سماء الحرية فوقهم جميعا.. وكانت خطة جماعة الإخوان المسلمين استغلال المليونية للانتشار وإضعاف قوى الأمن وعلى حد الأقاويل كنا نجهل جميعا بنود مخطط الجماعة ولا نعلم ما فى جعبتها وإن كان هناك من قال إن الجماعة استغلت عناصرها المسلحة سواء المصرية أو المستقدمة كما أشرنا من قبل فى إطلاق بعض الأعيرة النارية فى أوساط الثوار لحثهم على اللاعودة كذا لحث الأمن على الخروج عن شعوره وتغيير مخططه من استخدام أسلحة المظاهرات إلى استخدام الأسلحة الحية.. ومن هنا تأجج الموقف وكانت دماء الشهداء، ورفرفت أرواحهم تحت سماء الحرية وفى حوالى الساعة الخامسة من ذات اليوم ضعفت قوى الداخلية فى مواجهة الثوار وانسحبوا بطريقة مثيرة للدهشة.. وأكدت الأقاويل أن هذه هى اللحظة التى كان يسعى لها جماعة الإخوان وبدأوا فى تنفيذ الخطة المجهولة إلينا آنذاك.. وحانت ساعة الصفر لمهاجمة السجون بمعرفة عناصر حزب الله وحماس لإخراج معتقليهم من السجون وأشارت الأقاويل إلى أن الإخوان كان لهم دور تحفيزى للبلطجية فى مهاجمة أقسام ومراكز الشرطة بمختلف المحافظات للقضاء على قوى الأمن والتى أصبحت نخرة من تلك المفاجآت وأود أن أوضح أنى لا أهاجم جماعة الإخوان المسلمين فى مخططها لأنه كما نقول هو مخطط ثورة ضد الفساد السياسى الذى كنا نعيشه وعلى نظام ديكتاتورى ظل يحكمنا ثلاثين عامًا بلا رحمة أو هوادة.. وكان لمشاركة الجماعة عظيم الأثر حيث أقامت عناصرها بصحبة شباب الثورة فى ميدان التحرير إقامة كاملة لحين التخلص من النظام. وكما جاء على لسان الكثيرين كان دور قناة الجزيرة وفقا لخطة مسبقة كما أشرنا بتغطية أحداث الثورة.
وإن كان البعض يؤكد أن قناة الجزيرة هى البوق الإعلامى الذى كان ينقل تكليفات قيادات جماعة الإخوان لعناصرها المختلفة بمختلف المحافظات نظرا لما هو جلى لنا من قيام النظام السابق بقطع الاتصالات والإنترنت فكانت قناة الجزيرة هى الوسيلة البديلة لتحقيق أهداف الثورة ولن نتطرق هنا إلى سلبية الإعلام المصرى وقتذاك والذى نعلمه جميعا.
واستمر الثوار فى ميدان التحرير رغم الانفلات الأمنى وانتشار البلطجية فى جميع أنحاء الجمهورية وفضلوا الحرية عن الأمن الشخصى لذويهم وأهلهم.. واستمرت الثورة إلى يوم 11 فبراير حيث أعلن النظام السابق انصياعه للثورة والتخلى عن الحكم وهنا جاءت فرحة الشعب المصرى اللا محدودة وغير المتوقعة فلقد تخلصنا من عهود بائدة إلى عصر جديد نسطر بأيدينا صفحات التاريخ الخالدة.. ولم تنته الأقاويل بل زادت عن الحد المعقول، حيث تصارع الكثيرون لنسب الثورة إلى أنفسهم.. وجاء بيان جماعة الإخوان المسلمين لتهدئة الرأى العام الذى استشعر سرقة الثورة من بين أيديهم ليؤكد أن نصيبه فى مقاعد مجلس الشعب المقبل لا يزيد على ثلاثين بالمائة.. وتمر الأيام حيث فوجئنا بمجلس شورى الجماعة مؤخرًا يقرر أن نسبة جماعة الإخوان فى مجلس الشعب المقبل لن تتعدى الخمسين بالمائة.. الأمر الذى أثار تشكك البعض فى مصداقية تلك البيانات واتجاه نية الجماعة إلى الحصول على ما يزيد عن سبعين بالمائة من المقاعد.. كما أعلن مجلس شورى الجماعة عن الحزب الجديد للجماعة بعنوان «العدالة والحرية» وتولى رئيسه أحد قيادات الجماعة وليس المرشد العام الأمر الذى يشير إلى العديد من التساؤلات.. وتخللت هذه الفترة العديد من الانقسامات داخل الجماعة الأمر الذى أثار شكوك الكثيرين منا حول هذه الانقسامات التى قد تكون مفتعلة لتبرير تعدد الأحزاب التى تنتوى جماعة الإخوان تأسيسها بل الأدهى من ذلك هو إعلان جماعة الإخوان عدم نيتها للترشيح لرئاسة الجمهورية الدورة المقبلة، الأمر الذى استتبعه تبرير العامة ذلك بضعف الاقتصاد المصرى وعدم رغبة الجماعة فى تحمل المسؤولية خلال تلك الفترة الحرجة وإن كان هناك مسلسل مجهول المعالم إذا بنا نجد أهم قيادات الجماعة يعلن رغبته فى ترشيح نفسه لانتخابات الرئاسة وهذا يعد تعارضا مع وجهة الجماعة المعلنة.. فأين الحقيقة؟ وهل جماعة الإخوان المسلمين جماعة دينية أم جماعة سياسية.. وما علاقة الدين بالسياسة؟ لقد دب الرعب والذعر فى قلوب المصريين لأنهم لا يعرفون: أين هم؟ أطالب جماعة الإخوان المسلمين بالإفصاح عن الحقيقة الكاملة حتى يعلم الشارع المصرى الذى يعايش الثورة حقيقتها.. فإذا كنا نعيش فيها ولا نعلمها فماذا إذن يسطر التاريخ لأجيالنا القادمة.. كما أطالب الجماعة بالإجابة عن تساؤل يحيرنا جميعا: هل يريدون تحويل مصر لدولة إسلامية أم ماذا دون التطرق للدولة المدنية.؟!. هذه بداية سلسلة من المقالات حول الواقع الذى تعيشه مصر وأين الحقيقة فى مجموعة من الوقائع التى تشكل فى مجملها خريطة جديدة لحياتنا وللأحداث المتتابعة سريعًا.. مثل مقتل بن لادن وصراع المنطقة العربية والذى يشكل تلاحمًا متواصلا مع صراعنا فى مصر مع الحقيقة.. لسنا ضد الإخوان المسلمين كما قلت ولكننى فقط أفتح ملفًا لابد أن يفتح وأن يناقش.. إن الحقيقة مهما اتسعت أطرافها ومهما انفلتت حروفها.. ومهما غابت من عدسة اليقين وبؤرة التأكيد.. لابد أن تجد طريقها إلى ضوء الشمس المبهر لكى يتابعها الجميع ويتبناها المسئولون ويقتسمها الشعب كله.. كالماء والهواء والخبز.. وهو ما نسعى إليه.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة