أكدت عبير طلعت أن قضيتها ليست فى تغيير الديانة، وإنما فى أن تعيش بحرية وكرامة، فقالت إنها قاست أعواماً مع زوج تكرهه، فى بيئة لا تعتبر لإنسان حقاً، وخاصة إذا كان امرأة، فى ظل قوانين وأعراف ظالمة، ويتفاقم الظلم عندما تكون المرأة فقيرة، ويتعاظم مع الجهل.
لكن إرادة الحياة بقيت داخل عبير رغم كل ذلك، واشتعل شوقها للحرية مع بشائر ثورة 25 يناير، فهربت من دوامة القهر، لتجد نفسها فى دوامة أخرى ليس لها آخر، فهؤلاء متعصبون اعتبروا المسألة جهاداً، فظلموها وأحرقوا باسم مأساتها الكنائس، وهى من جهادهم بريئة، وآخرون أخذوا يصرخون "هل من أجل امرأة تحرق البلد؟"، متناسين أن عبير لم تحرق شيئاً، وكأنهم يطالبونها بأن ترضخ لظلم الحياة كى يعيشوا فى سلام، وتستسلم لإرادة مجتمع يدوس على الإنسان، كى يتفرغوا هم للتمتع بمصر الجديدة بعد الثورة، فى الوقت الذى يصرخ فيه هؤلاء أنفسهم بالحرية لمصر، وما مصر إلا حالة مكبرة من عبير، فمصر يطحنها الظلم والفقر والجهل والقوانين والأعراف غير الإنسانية، ولم يبق فيها إلا حلاوة الروح وإرادة الحياة، وحلمها بأن يعيش أبناؤها المظلومون ومنهم عبير حياة آدمية، فثارت على الظلم، لتجد نفسها مهددة بتيارات رجعية ليس لها حصر.
حالة عبير أقرب ما تكون إلى حالة مصر، والرجعيون يمارسون رجعيتهم بعدم المبالاة بعبير الإنسانة ولا بمصر الوطن، ويؤثرون شعاراتهم هم، بغض النظر عن المرأة أو الوطن، والأقباط يمارسون هلعهم من الدولة الدينية التى يرونها على الأبواب بغض النظر عن المرأة وحقوقها الإنسانية، وكتاب ومفكرون يرفعون شعارات مدنية، يمارسون كراهيتهم للمتعصبين بأن يكرهوا عبير، مثلما فعلوها من قبل بمعاداة الحركة الرافضة لتعيين أحد رموز النظام السابق محافظاً لقنا، فدافعوا عنه لمجرد أنه قبطى، وتركوا معارضته للمتعصبين، الذين كانوا دائماً أسبق منا جميعاً فى الوصول إلى المظلومين، لتلوين غضبهم على الظلم وسعيهم للحرية بألوان التعصب.
عبير الآن محبوسة احتياطياً، وجريمتها أنها سعت لنيل أبسط حقوقها الإنسانية، وهى لا تفهم فى القانون والأعراف والسياسة. مصر وعبير فى مفترق طرق، والجميع يمارسون عليهما أنانيتهم الأيديولوجية الجافة، والخالية من أى شعور إنسانى. أما أنا، فأمارس ضعفى وقلة حيلتى بهذه الكلمات.
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
nasser
لا تعليق