قبل الدخول فى الموضوع، أحب أن ألفت عناية السيد القارئ أننى لست من مواسير الكلام.. أو بمعنى أدق لست ممن يحبون التعليق على مجريات الأمور بشكل يومى قبل أن أنظر إليها بعين فاحصة حتى يصير للكلام معنى، وهدف ومن هنا قد قررت الانتظار لمدة أسبوع آخر قبل أن ابدأ فى العودة مرة أخرى، حتى وصلتنى رسالة على الفيس بوك من الصديقة الدكتورة إيمان فاروق، فكانت دافعا لى وزاد الأمر بعد حضورى للمناظرة التى عقدت بين أربعة من الأحزاب (الجبهة، العدل، المصريين الأحرار، والمصرى الديموقراطى) على إثر دعوى من الصديقة والناشطة السياسية سارة كمال، وإليكم أولا نص الرسالة فى 12 مايو 2011.
" النهاردة مصر طلبت رسميا قرضا بـ12 مليار دولار، يعنى ابتدينا سكة انهيار حقيقى.. وده طبيعى لأن كل واحد فى البلد دى مش همه غير مصلحته، والبلد تتحرق! كل اللى مسميين نفسهم نشطاء، عملوا إيه بعد 11 فبراير وأقصد هنا خطوات حقيقية لنهوض البلد؟.. ولا حاجة! اللى راح فضائيات وعمل فيها مانديلا وراح يستلم جائزة وقرر يعمل كتاب! وحتى اللى عينو راحت نسى عينو راحت ليه ومشغول بالبيزنس.. أخص على كدة !! البلد بتغرق وبتوع النظام القديم عمالين يحفروا لنا حفرة واحنا بمنتهى السذاجة بنجرى عليها.. الأردن والمغرب انضموا لمجلس التعاون الخليجى، وده بالتأكيد على حساب مصر دوليا، واقتصاديا وضغط غير مباشر على مصر، واحنا ولا على بالنا! وزحف إيه على فلسطين؟ واحنا مش عارفين نقف على حيلنا أساسا! إيه اللى بيحصلنا ده؟.. فين روح ثورتنا؟ وأنت فين وفين مقالاتك! أنت من الأقلية اللى شايفين الموضوع من كل زاوية، هتقولى (وأنا إيه فى وسط كل ده؟) أنت مسموع وناس كتير متابعاك، يا يوسف ينتشر الشر عندما يكتفى الأخيار بالصمت.. البلد عاملة زى العربية اللى بترجع ورا، بس بتدى إنذار احترس السيارة ترجع إلى الخلف.. اتفق على ندوات فى أى كان واتكلم وفهم الناس إن كده هنلبس فى حيطة كلنا! أنا يوم أحداث إمبابة حزنت جدا لكن النهارده عيطت كأن حد ماتلى.. مصر صعبانة عليا قوى وعايزة تقوم وبعد ما أولادها قوموها سابوها تانى، وهتوقع لـ الكلاب لو ما رجعناش لمصر تانى.
اكتب واتكلم وأنا عارفة إنك من القليلين اللى انتمائهم للبلد مالوش حدود، ولو انتو سيبتو البلد.. هتضيع!".
كانت هذه رسالة من مواطنة مهمومة بحال الوطن حتى تشبثت بقشة مثلى قد لا تفيد إلا أن ما رايته وأختبرته منذ قيام ثورة 25 يناير وهو ما سبق وأوردت بعضا منه فى مقالاتى السابقة حول أداء شباب الثورة، وتعاطيهم الشأن السياسى بشكل لا يخلو من النفعية والتسلق و- هو ما أشار إليه أيضا الزميل والصديق محمد الدسوقى رشدى، ونحن لا نجمع الكل فى سلة واحدة - يجب أن يصل بنا إلى هذا الانطباع، فما كادت شهور 3 تمر حتى تبدت لنا الرغبة الملحة لدى بعض قيادات الشباب فى الظهور على الفضائيات ثم صار بعضهم نجوما تلفزيونيين، وآخرين بدأوا فى ركوب قطار المال السريع وراء رجل الأعمال الذى اتخذ قرارا مفاجئا بأنه مفكر سياسى وزعيم حزبى.
وعلى صعيد آخر نجد الشاب الذى ظل منتميا لجماعة الإخوان المسلمين لمدة 15 عاما حتى صار أحد المقربين من خيرت الشاطر مرورا بانضمامه للجمعية الوطنية للتغيير طمعا فى دور قيادى حصل عليه فيما بعد، حتى وصل إلى تأسيس حزب جديد متصورا فى نفسه أنه سعد زغلول، أو جمال عبد الناصر، عند أى هجوم عليه.. فصار مشواره السياسى اشبه بكمال الشاذلى، بل وصل الأمر إلى إنكاره التفاوض مع عمر سليمان رغم أنها واقعة لا تقبل الشك، وأنه كان ينوى الدفع بفض اعتصام التحرير أبان أحداث الثورة.
تلك هى بعض الأمثلة لما يحدث فى الساحة السياسية، بل إن المشهد السياسى يحمل العديد من أشكال عدم الاتزان، ويحوى رؤية سياسية غير واضحة وشديدة التشويش، فتجد حزب تتتعارض فيها آراء الرئيس ونائبه، وآخر لا يحمل أى رؤية سياسية سوى إثبات الوجود والوقوف أمام الإخوان، وحزب لا يملك سوى إجابات دبلوماسية لا تسمن أو تغنى من جوع.
نجد الصراع السياسى يحتدم على تقسيم الكعكة السياسية لأجل أجندات شخصية، بلا وجود لأجندة وطنية حقيقية، وبلا أدنى جهد يبذل لوضع حلول واقعية لمشكلات المجتمع المصرى، بل تركت القوى السياسية جموع الشعب تذهب فيما يسمى مسيرة تحرير فلسطين، دون النظر للتبعات التى قد تحدث فى حال إطلاق عيار نارى واحد على الحدود مع فلسطين المحتلة، وفى إطار احتمال اندساس عناصر من بقايا النظام، كان من الممكن أن تذهب أرواح الآلاف فى مواجهة عسكرية غير متكافئة مع العدو الصهيونى، ولا يعلم إلا الله مداها.. ونحن هنا لسنا ضد المواجهة مع العدو، ولكن مع الترتيب الجيد والتدريب المناسب، والتنسيق مع المؤسسة العسكرية كما سبق وفعلنا فى 1956 .
إذا كان هذا هو المشهد السياسى مع عدم وجود استقرار أمنى داخلى دفع بالبلطجية للتستر تحت مسمى السلفية للسرقة، والقتل وإرهاب المجتمع وعدم الالتفات إلى ضرورة التنمية الاقتصادية الفعالة بالإضافة إلى المزيد من الاستدانة.. إذن فلينتبه الجميع "السيارة ترجع الى الخلف".
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة