بعيدا عن القراءات الخاطئة لمدلول الأحداث المؤسفة، والحزينة فى مسلسل الوقيعة بين المسلمين والأقباط، علينا أن نعرف أن جسد الوطن أصيب بجرح عميق، وعلينا أن نكون جادين فى تنظيف الجرح وتضميده والعناية به حتى يعود الوطن معافيا سليما فتيا.
تتوالى الأحداث وتبقى الكتابات الدقيقة معدومة، دون أن نعى الحقيقة الواضحة بأن روح الدين واحدة فى الإسلام والمسيحية، وأن لا تشدد أو تطرف عند المتدين الحقيقى، وحتى نستطيع أن نفهم أسباب الجراح علينا أن نبحث عن الأصابع التى تحرك تلك الأحداث.
اهتمام إسرائيل بالملف الطائفى بدأ مبكرا منذ عام 1954م، ورشحت لبنان كدولة مسيحية خالصة تقع شمال الدولة اليهودية الوليدة! وبرغم قناعة قادة الكيان الصيهونى بمتانة النسيج المصرى وتماسك التعايش الإسلامى المسيحى فى منظومة حضارية واحدة لها نفس العادات ونفس التقاليد.
لم تيأس إسرائيل فى الاحتفاظ بالأوراق الطائفية، والتى ترى الاستراتيجية الإسرائيلية أن خلق دولة مسيحية فى صعيد مصر سيكون له عامل السحر فى تفتيت الدول العربية الحالية، والطامحة للوحدة الآن، وأن تفتيت مصر يؤدى إلى تطور تاريخى تلعب فيه الدولة الصهيونية دورا مركزيا.
تمتلئ الساحة الآن برموز الفكر الوهابى يقابله فريق أميريكى شديد الفهم للواقع المصرى.. وكل من الفريقين يسابق الزمن والأحداث للفوز بمسلسل (توريث بديل)، يرث فيه أحد الفريقين النظام السابق بنفس الآليات ونفس الأدوار، والأحداث الطائفية السابقة تعزز من الرصيد السياسى للفريقين.
المؤامرة التى يقود أحداثها المتعصبون من الجانبين تمثل خطرا حقيقيا فى زعزعة استقرار مصر، وذلك عن طريق المخطط الخارجى الذى يتمثل فى:
1- إجهاض أى تجربة ديمقراطية تحدث فى مصر.
2- ضرب مبدأ "المواطنة" فى مقتل، وذلك بتحويل الكنيسة الأرثوذكسية إلى ممثل سياسى للمسيحين فى مصر، وعزلهم عن المجتمع، وتحويل الكنيسة إلى دولة داخل الدولة.
3- تفعيل الفهم الوهابى للدين وحصره على الطقوس وتوظيف الدين لتبرير قرارات الحاكم والدفاع عنه، كما حدث فى مصر فى العقود الأربع الماضية.
4- العودة بمصر للوضع السياسى السابق ـ نظام فاسد متعاون مع رجال أعمال فاسدين ويحظى بدعم إسرائيلى أمريكى.
5- إخراج مصر من الصراع العربى الإسرائيلى وطمس دورها الحضارى والإقليمى، وأضعاف مصر اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا والعمل على تفتيتها طائفيا.
6- استمرار مسلسل الخوف من الإسلام (اسلاموفوبيا) وتعميقه فى وجدان الرأى العام الأوربى والأمريكى وربط العنف والإرهاب بالإسلام.
هذا مخطط أعداء هذا الوطن، وعلينا نحن من نزعم أننا نحب مصر أن نتفهم جيدا ما يحتاجه هذا الوطن:
1- خطأ فكرة الديكتاتور العادل (التى ينادى بها البعض)، وعلينا باستبدالها بديكتاتورية القانون، ونصبح جميعا أمام القانون سواء، لا فرق بين مسلم ومسيحى.
2- الإسلام لم يعرف فى تاريخه الدولة الدينية.
3- الوقوف بحسم أمام أى دور سياسى لأى مؤسسة دينية!
4- فضح دور الفريقين "الوهابى والأمريكى"، والتمسك الكامل بطريق الديمقراطية.
5- الدولة الدينية الوحيدة فى العالم الآن، وذات مرجعية دينية هى إسرائيل، ولذلك هى كيان عنصرى يطمع فى اعتراف العالم بيهودية الدولة!
كل هذه الجرائم التى ارتكبت داخل الملف الطائفى فى مصر بالأمس واليوم ما هى إلا مخطط شديد الإتقان لإجهاض التجربة الديمقراطية للشعب المصرى العظيم، والتى ننتظر نتائجها غدا!
صفوت عبد الهادى يكتب: الطائفية بيـن الوهم والحقيقة
الخميس، 19 مايو 2011 07:41 م
أحداث الطائفية فى إمبابة
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة