فى زيارة سريعة إلى دبى، للمشاركة فى فعاليات منتدى دبى للإعلام العربى، كانت مصر حاضرة فى كل شىء، كان الحضور أطيافاً ورموزاً من الصحافة العربية، وكان السؤال الذى يشغل الكل، إلى أين تذهب مصر؟ وما هى حدود المشكلات المطروحة عليها الآن؟ ومن هو أكثر المرشحين حظاً فى الفوز برئاسة الجمهورية، خاصة من بين الثلاثى عمرو موسى والدكتور محمد البرادعى وحمدين صباحى؟ وكانت معركة أمين عام جامعة الدول العربية، والتى انتهت باختيار وزير الخارجية المصرى نبيل العربى، أميناً عاماً للجامعة، حاضرة فى المناقشات الجانبية، وفى جلسات النميمة التى تجمع بين المشاركين.
كان الكلام الدائر حول نبيل العربى وتركه لوزارة الخارجية مقروناً بمن سيخلفه، وفى هذه المسألة تتزاحم الأسماء، ومن بينها اسم أرى أنه جدير بالمنصب، وهو السفير معصوم مرزوق، سفير مصر فى فنلندا، والذى كان سفيرنا من قبل فى أوغندا، وله خبرة واسعة بالشئون الأفريقية، ليس بوصفه سفيرا سابقا لمصر فى أوغندا، وإنما من خلال مسئوليات سابقة عن الشأن السودانى، وأعطته هذه المرحلة من العمل فى الشأن الأفريقى خبرة وافرة بملف مياه النيل، وطريقة التعامل معه من دول الحوض، وعمل من قبل فى نيويورك وفى أمريكا الجنوبية، ودول عربية أخرى.
سيرة معصوم مرزوق مليئة بالعطر الوطنى، بدءاً من تركه كلية الهندسة التى التحق بها بعد نكسة 1967، بعد أن كان من أوائل الثانوية العامة وقتها، ترك الهندسة ليلتحق بالكلية الحربية، حالماً أن يكون من بين الضباط الذين سيواجهون إسرائيل أخذاً بالثأر، وتحقق له ذلك فى حرب الاستنزاف، ثم حرب أكتوبر عام 1973، من خلال سلاح الصاعقة، الذى كان أحد أبطاله، وسجل بطولات رائعة مع زملائه تحتاج منه إلى تأريخ كامل، رغم أنه تصدى لها فى مقالات صحفية عديدة، وكان أكثر ما يلفت الانتباه لها هو تركيزه على بطولات جنوده البسطاء الذين هم الوقود الحقيقى لانتصارات مصر فى حربى الاستنزاف وأكتوبر عام 1973.
لم يكتب معصوم عن نفسه، لينسب لها الفضل، وإنما كتب عن جنوده الشهداء منهم، والذين مازالوا على قيد الحياة، ورغم مرور ما يقرب من 38 عاماً، إلا أنه مازال يذكرهم بالاسم، وبين الحين والآخر يفاجئنا بمقال عن زيارة قام بها لأحدهم كلما كان فى مصر، حتى يتزود بعطر ذكريات البطولات التى كان هؤلاء البسطاء وقودها.
وبعد الحرب، التحق بوزارة الخارجية فى مسابقة أعلنت عنها الوزارة، ليمضى فى عمله الدبلوماسى بشرف كما كان فى صفوف القتال ضد إسرائيل، ولم يصرفه عمله الدبلوماسى عن مواهبه الأدبية، فهو كاتب قصة قصيرة وفاز بجوائز مصرية عنها، كما ترجم دراسات عديدة ووثائق أمريكية عن حروب مصر عام 1967، وحرب اليمن، ودراسات أخرى عن الصراع العربى الإسرائيلى، وخلال فترة ثورة 25 يناير كان يلتحم معها بطريقته الخاصة من خلال تواجده فى فنلندا.
يعد معصوم مرزوق نفسه، لأن يمضى فى مشروعاته الأدبية ومشروعات أخرى فى الكتابة مؤجلة، وذلك بعد خروجه إلى المعاش، لكن الظرف الحالى يحتاج إليه على رأس وزارة الخارجية، فهل يضعه المعنيون فى خانة الاختيار؟.