عندما دشن الدكتور عصام شرف أولى جلسات الحوار الوطنى الذى عقد تحت عنوان "من أجل مصر تحتاج إلى الحوار الآن " ،قال إن الحكومة لن تتدخل فى أى كبيرة أو صغيرة فى الحوار لكنها ستعتمد على نتائجه لبناء سياستها خلال الفترة المقبلة، وفات الدكتور شرف ومنظمى هذا الحوار أن التدخل فى الحوار وتوجيهه شئ ، ووضع أسس وأطر وقواعد للحوار شئ آخر ، وأن الحوار الوطنى لا يعنى جمع خليط من الشامى على المغربى وحبسهم فى قاعة ليتداولوا الكلمات ، وإنما هو فى الأساس إعلان عن استنفار جماعى للعقول والأفكار من جميع التيارات والاتجاهات وفق مبدأ قبول المختلف .
وعندما ارتضى الدكتور عبد العزيز حجازى رئاسة هذا الحوار الوطنى كان عليه أن يسأل نفسه مبدئيا عدة أسئلة ، أولها ماذا سيقدم هو لهذا الحوار الوطنى أكثر من الجلوس فى صدر المنصة الرئيسية وإلقاء الكلمة الافتتاحية ومنح الكلمات بالتبادل للمتحدثين؟ وبم يختلف هذا الحوار عن الندوات التنموية التى برع فيها الدكتور حجازى خلال السنوات الماضية ؟ وكيف يمكن دفع جميع الحضور إلى الاشتراك معاً فى وضع مبادئ وسياسات يمكن أن تستعين بها الحكومة الحالية والحكومات المقبلة فى أداء مهامها؟
وعندما قبل الداعية صفوت حجازى والدكتور عمرو حمزاوى وغيرهما من أعضاء اللجنة الاستشارية المهمة المنوطة بهم، لم يكن ينبغى أن يفوتهم التأكيد على أساسيات ومبادئ الحوار فى "جلسات الحوار الوطنى"، وكان عليهم أن يبادروا بإعلان هذه الأساسيات والقواعد وفى مقدمتها عدم نفى الآخر المختلف وعدم إقصاء أى عنصر مصرى مشارك بما فى ذلك الأعضاء السابقون بالحزب الوطنى المنحل، ماداموا غير خاضعين للمساءلة القانونية أو صدرت ضدهم أحكام قضائية أو من الوجوه البارزة التى أفسدت الحياة السياسية على مدى عقود!
ولأن الدكتور شرف والدكتور حجازى واللجنة الاستشارية فاتهم جميعاً التأكيد على أساسيات هذا الحوار الوطنى كل بحسب دوره ومهمته، جاءت النتيجة انسحابات ومشادات واتهامات متبادلة ومحاولات البعض للسيطرة على مقدرات هذا الحوار بزعم تمثيل الثورة، والأخطر من ذلك أن المؤتمر الذى تم تدشينة من أجل "الحوار" لإنتاج الأفكار والسياسات من القاعدة باتجاه القمة الحاكمة تحول إلى النقيض، إلى إنتاج الغوغائية والإقصاء والتخوين واحتكار الحقيقة، لذلك لم يكن غريباً أن يصفه أحدهم بـ"الحمار الوطنى"!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة