منحنى الثورة المصرية ثعبانى الشكل، أو بالشعبى كده وكما تقول الأغنية الشهيرة زى المرجيحة يوم تحت ويوم فوق، والبعض لا يحب المنحنيات، وكيف لمن قضى عمره أو على الأقل 30 سنة منه فى حضن رتابة وملل الاستقرار والهدوء أن يتحمل فجأة إثارة الحياة؟
الرافضون لجمعة الغضب الثانية ينتمون لتلك الفئة التى تعشق الأفلام العربى القديمة يرتاحون كثيرًا لمعرفة النهاية قبل أن يدخلوا فى متاهات تطور الأحداث والتفكير فى الحلول، الذين يرفضون جمعة البعث هذه، بعث روح الثورة أو الحماس مرة أخرى فى النفوس التى أجهدتها حيل وألاعيب حكومة الدكتور شرف، ووزارة داخليته، ومتاهات وغموض المجلس العسكرى، وتفاهات وميوعة القوى السياسية المختلفة، من حقهم أن يغضبوا وأن يتسلل الضيق إلى نفوسهم من وقف الحال، والانفلات الأمنى وضبابية الطرق المؤدية للمستقبل، لكن ليس من حقهم أبدًا أن يكرهوا الثورة أو يصفوها بما ليس فيها، من حقهم أن يغضبوا من تلك الشخصيات التى تم تصديرها للحديث باسم الثورة، لأنهم فعلا يسببون الغضب وشد الشعر ويدفعونك لخبط دماغك فى أقرب حيط من فرط نصبهم وسذاجتهم وغرورهم أحيانًا.
من حقك أن تخشى على مستقبل البلد، ومن حقك أن تغضب من المظاهرات فئوية أن كانت أو جماعية، كما هو من حقك أن تسأل نفسك أحيانا هل تسير تلك الانتفاضة المصرية فى طريقها الصحيح أم لا؟! ولكن ليس من حقك تمامًا أن تكرهها أو تكفر بها لأن الأخيار لا يكفرون أبدًا بالحرية والديمقراطية، ليس من حقك أن تعتبر الدعوة إلى جمعة 27 مايو خيانة أوجريمة، لأن الجمعة القادم حتى وإن سيطرت عليها الفوضى وسرقها السارقون جمعة تذكير، تذكير للذين تخيلوا أن دورهم انتهى مع رحيل مبارك، وللذين أصابهم الإحباط بسبب الوحوه العكرة التى تصدرت المشهد، وللذين نسوا أن فى مصر اشتعلت ثورة، وأن لنيران الثورة المشتعلة طرقًا للتعامل تختلف تمامًا عن تلك الطرق التى يلجأ إليها المجلس العسكرى وحكومة الدكتور شرف.
جمعة 27 مايو جزء من الاختبار الذى تعيشه مصر، ولن تنجح جمعة 27 مايو هذه إذا اكتفت بالضغط على المجلس العسكرى أو حكومة الدكتور الشرف، نجاحها الرئيسى يتوقف على تنقية وفلترة وتنقية أهل الحديث باسم الثورة، نجاحها يتوقف على إلغاء تلك المنصة السخيفة التى يسرقها صفوت حجازى ومن معه من محبى الشهرة والأضواء فى كل مرة، نجاحها يتوقف على إقصاء هؤلاء الذين فشلوا فى تقديم الثورة لأهل البيت بل وقاموا باستعداء الشارع بتعاليهم وغرورهم غير مسنود على أى ذكاء سياسى أو معرفة اجتماعية، نجاحًا يتوقف على إعادة ميدان التحرير إلى ماكان عليه، تجمع مصرى حقيقى بلا منصات ولا خطباء، ولا باعة كشرى وكسكسى ولا مدعين وأفاقين وراغبى الحصول على صور إثبات الثورية بعد أن فات القطار.. هذه الجمعة إذن للثوار قبل الكفار، نريدها هكذا لأن تنقية الصفوف أفضل بكثير من إلقاء اللوم على الأشرار.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة