ما كنت أتخيل أبداً أن تستبدبنا الغيوم حتى تسد كل أمل وكل مستقبل.. لست أغالى ولكننى فقط أرصد حالة سوداوية لا يزال قلمى حائراً تائهاً معها.. يبحث بين يدىَّ عن مجهول.. وكلما تذكرت الحقيقة المرة التى قد تنتظر هذا الشعب.. أسأل نفسى: هل وصل بنا قطار الوطن إلى محطة اللا عودة؟! أما أن لهذا السواء أن ينجلى؟ أما أن لهذا الموت أن يعبر.. غابت أقمارنا وتشتت الرآئى فى الصحراء.. وإنكسرت شمس زمننا.. هاهى البحار تطوف بنا إلى الظلمات والأمواج ترمينا إلى مادراء الغياب.. وأقول فى نفسى: حال بأى حال ستعود أنتياوطنى لا أدرى ماذا أكتب؟، ونحن ننتقل من مأذن إلى مأذن ومن أمه إلى أزمة ومن سقوط إلى سقوط.. فإذا كنا بالأمس فى مفترق الطرق.. فنحن اليوم بدءنا أول خطوة للإنزلاق فى النفق المظلم، خاصة بعد أن انتشرت بين أبناء الشعب مقولة خطيرة هى مقتل الدولة المدنية.! بعد أن اختلط الحاب بالنابل.. ووسط مخاوف من فقدان قوة الأعراف والقوانين، لا نجد سبيلاً للخروج من الأمة، لأننا لابد أن ننظر بعيداً، ولا نبحث عن حلول قريبة أو مؤقته.. فقد حان الوقت لأن نحسم قضايا معلقة ليس فقط من بداية الثورة، بل بعضها معلق منذأكثر من ثلاثين عاماً.. المسألة إذن فى حاجة إلى تقنين وليس أن نترك الأمور هكذا للمصادقة، أورهن خيال نشطاء الوطن من جميع الاتجاهات، ولاذين يقودون الشباب فى حماسهم إلى قرارات عشوائية لا يحمد عقباها إلا الله.. فما هذه الاعتصامات والاحتجاجات والتى أصبحت تشكل خطراً.. ولم يعد للأسف يسمع صوت الكبار، حتى البابا شنودة أنصرف عنه المسيحيون فى ماسبيرو وتشبثوا بالاعتصام.. وكذلك شيخ الأزهر لم تعد الأغلبية تؤيد قراراته وأصبحوا يتمردون عليه.. وبالتالى نفاجا بالاضرابات مستمر، تنتهى فى ميدان التحرير لتبدأ فى ماسبيرو ثم تنتقل إلى السفارة الإسرائيلية.. وفى المقابل هناك من يعبث بالبلاد وبأمنها.. من وراء اشعال الفتنة الطائفية؟َ.. وهل هى فتنة مصطنعة؟ هى أفعال لا يقبلها أى دين، فما يحدث فى تاريخنا المعاصر ليس له مثيل فى السابق، فنحن ما أن نطفئ ناراً حتى تتصاعد ناراً أقوى.. لا يوجد وقت لإلتقاط الأنفاس.. ويبدو أن هذا متفق عليه فى اجنداتهم، أن يظل الوطن مشدوداً مشتعلاً ولا يوجد مع ذلك خطة للعمل والاستقرار.. ومواصلة الجهد نحو تحقيق اقتصاد قوى يمكننا به أن نواجه التحديات العالمية.. خاصة أن هناك اساسيات تراجعت تماماً مث قطاع السياحة.. الذى تم ضربه فى مقتل.. ووراء هذا القطاع تراكمت مشاكل وأزمات حول العاملين وتقلص فرص العمل.. والمدهش أن الداعية للاضرابات هم الشباب الذى يقع عليه العبء الأول والاساس فى النمو وإصلاح البنية التحتية والقوقية للمجتمع.. فإذا خمل الشباب وانصرفوا لغير العمل، حتى لو كانت النيه نحو هدف وطنى مقدس.. فإن الناتج هو فريد من الكساد والتدنى الحضارى والخوف من القادم.. وهذا فأنا لا أرى لإصلاح هذه الفوضى الشاملة سوى أن يتولى زمام المسئولية فى مصر رجل حازم وأتمنى وأويد بقوة أن يكون الرئيس القادم لوطننا من القوات المسلحة، ضمانا للاستقرار والأمن من ناحية.. وثقة من الشعب وحبا وقناعة من ناحية أخرى، هذا فى رأى هو طريق الحكمة نحو علاج ما نحن فيه من أزمات خاصة أن الجيش يصر على أن يتعامل مع الشعب بكل ارتقاء وبديمقراطية تحترم الحوار والرأى الآخر، وهو ما يبشر بأمكانية الخروج من عنق ازجاجة ويعطى اقتصادنا فرصة للتشافى، لزن وجود الجيش على رأس الدولة من شأنه اعطاء قوة لمصر، وطمأنينة حتى لا يتمادى الخبثاء فى اللعب بمقدرات الوطن، لأنه قادر أن يضرب بيد من حديد كل مظاهر الفساد وهو ما نحتاجه لتحقيق الأمن والاستقرار بعد شهور من التمزق والتشرذم والسقوط، وقد يصفنى البعض بأننى متشائم وأن القضايا ليست بهذا السواء وأن الوطنى ليس بهذا الشكل، خاصة أن كل الثورات يعقبها كثير من مظاهر الفوضى وبعضها دموى، وقد يخلف وراءه كوارث.. ولكنى فى الحقيقة لست متشائماً، بل واقعاً، فالأمر فعلاً خطير، والبلد وسط هذا تضيع.. حتى فوجئت بكارثة بعد زن أعلن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن الاحتياطى النقدى سينفذ فى ستة أشهر لو استمرت الاضرابات بهذا الشكل.. وهو تصريح مفزع ويجب أن نفيق فوراً فماذا بعد هذا الإنهيار الأمنى والاقتصادى والأنفلات فى الشارع، الذى أصبح ليس له مثياً وبعد كل ذلك تجد من يرفع شعار يقولك: »محستش بالتغير.. ونازل تانى التحرير..« إنه تهديد بلام معنى ولا أعرف ماذا يريد هؤلاء؟.. ومن يحركهم؟!.. وإلى أين يقودون مصر؟.. أنهم بلا مسئولية.