فى خضم النقاش حول المكان الأمثل لعلاج الرئيس المخلوع، غاب عن الكثيرين سؤال هام جدا: مَن الأولى بالعلاج بالمستشفى الفاخر؟ الجانى أم المجنى عليه؟
الدكتور سامى سالم، طبيب مصرى محترم وأخصائى أشعة، بمدينة هيرفورد الألمانية، ويشغل منصب الرئيس الثانى لرابطة الأطباء الألمان المصريين، أستشعِر من نبرة صوته حبه الشديد لمصر ورغبته فى خدمتها، ساهم الدكتور سامى بالتعاون مع أطباء الرابطة فى علاج بعض مصابى ثورة يناير فى ألمانيا على نفقة الرابطة أو على نفقة المتبرعين، ولكنه لاحظ أن مجئ المصابين لألمانيا مكلف جداً ومرتبط بإجراءات تأشيرة وترجمة وإقامة للمريض ومرافقيه تجعل السفر صعباً على معظم من يحتاجون العلاج.
وذكر الدكتور سامى فى حديثه معى، أن هناك أكثر من 600 مصابا من شباب الثورة بمستشفيات مصر الحكومية والعسكرية لازالوا يحتاجون لجراحات معقدة لا يمكن إجراؤها فى تلك المستشفيات لنقص الإمكانات والأجهزة، وقد راودت الرابطة فكرة رائعة، وهى إرسال أطباء ألمان ومصريين متخصصين فى جراحة العيون والمخ والأعصاب إلى مصر لإجراء عمليات لأكبر عدد ممكن من مصابى ثورة يناير، وبعد أن عرضت الرابطة الفكرة على الأساتذة المتخصصين فى ألمانيا وافقوا على الفور وأبدوا استعدادهم للتنازل عن أجورهم هدية منهم لشباب الثورة وتقديراً منهم لتضحياتهم من أجل الحرية.
وبناءا عليه قدمت الرابطة طلبا للمجلس العسكرى بتاريخ 7 مارس 2011 للسماح للأطباء باستخدام المركز الطبى العالمى التابع للقوات المسلحة لإجراء الجراحات، حيث إنه المكان الوحيد الذى يطابق المواصفات الألمانية ويمتلك الأجهزة والمعدات اللازمة لإجراء مثل هذه العمليات الجراحية، وقد تم تقديم الطلب بمساعدة السفارة الألمانية بالقاهرة والدكتورة نادية عبد الرازق، بعد أن تقاعست القنصلية المصرية فى فرانكفورت، التى كانت لاتزال تحتفظ بصور مبارك على الجدران حتى بعد أسابيع من خلعه، حسب رواية الدكتور سامى سالم، وبعد ماراثون طويل من الإجراءات حصلت الرابطة على موافقة شفهية وتم تحديد يوم 1 مايو لسفر الأطباء لمصر وبداية الجراحات.
وبعدما حصل الأطباء على عطلة من عملهم وأجروا تجهيزاتهم للسفر، توجه الدكتور سامى سالم للقاهرة لإجراء الترتيبات اللازمة، وزارالمركز الطبى العالمى يوم 23 أبريل والتقى باللواء رضا جوهر مدير المركز، الذى أبدى مخاوفه من أن إجراء الجراحات بالمركز قد لا يحدث فى الموعد المحدد، حيث إن المركز يستعد لاستقبال الرئيس المخلوع مبارك.
كان صوت الدكتورسامى يرتجف وهو يسرد علىّ الخبر وكان يخشى أن الرئيس السابق، حتى من فوق سرير مرضه، قد يحول دون التئام جروح أبناء مصر، كان يخشى أن تعرقل بلده إجراءات شفاء أبنائها بينما تطوّع الأطباء الألمان لعلاجهم بلا شروط.
وأثناء كتابة هذا المقال وصلنى من القاهرة خبر صدور الموافقة الرسمية للمجلس العسكرى على استقبال المصابين، ولكن هذه الموافقة لا تزال بالحقيبة الدبلوماسية فى طريقها لألمانيا، ولا تزال مرهونة بحالة حسنى مبارك الصحية ومكان علاجه، والسؤال الآن: متى سيبدأ علاج المرضى بالفعل ومتى ستجرى لهم العمليات الجراحية اللازمة، وإلى متى سيظل شبح الرئيس المخلوع يحوم حولهم؟ أم أن الجانى سيرقد يوماً بجوار ضحاياه فى نفس المستشفى؟
على كل حال فإن الدكتورة نادية عبد الرازق، تتوجه بنداء لكل من لديه إصابة حرجة من أبناء الثورة (عيون، حروق، مخ أو تشوهات بالوجه) بالتوجه فوراً للمركز الطبى العالمى بطريق الإسماعيلية وعرض نفسه على اللواء طبيب رضا جوهر مدير المركز.
كما أتوجه بنداء للمجلس العسكرى أن يسرع إجراءات قبول الحالات الحرجة بل وأن يفتح أبواب المركز الطبى العالمى لكل المصابين من شباب الثورة، فهؤلاء الشباب هم خير جنود مصر وأكثرهم استحقاقا للعلاج على نفقة الدولة، وقد جاذفوا بحياتهم من أجل أن يمروا بمصر إلى مستقبل أفضل، وكما ندين بالعرفان للقوات المسلحة لأنها حمت الثورة، فعلينا أن ندين بعرفان أكبر لمن فجروا شرارة هذه الثورة وضحوا بدمائهم ونور أبصارهم لكى ترى مصر النور.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة